ديارهم، وتلك الفضيلة أفضل، أشار إلى جَلالة تلك الرتبة، فلا يتركها، فهو نبيٌّ مُهَاجر لا أنصاري.
قوله:"ولو سَلكَ الناسُ واديًا، وسلكتِ الأنصارُ واديًا أو شِعْبًا، لسلكتُ واديَ الأنصارِ وشعبَها"، قال في "شرح السنة": أراد أن أرض الحجاز كثيرة الأودية والشِّعاب، فإذا ضاق الطريق عن الجميع فسلك رئيسٌ شِعْبًا اتَّبعه قومُه، حتى يُفْضوا إلى الجَادة.
وفيه وجه آخر: أراد بالوادي الرأي والمَذْهب، كما يقال: فلان في وادي، وأنا في وادي، هذا معنى كلام الخطابي.
وقال غيره: إنما يريد به الموافقة؛ أي: كنت أختارُ موافقتَهم لا موافقةَ غيرهم؛ لأن لهم حقوقًا من الجِوار ووفاء العهد والنُّصرة.
قوله:"الأنصار شِعار، والناس دِثَار"، (الشعار): ما ولي الجسدَ من الثياب.
و (الدِّثار): كل ما كان من الثياب فوقَ الشِّعار، ذكره في "الصحاح".
قيل: يريد أنهم أصدقائي وبطانتي وذوو الخُلُوص في المودَّة، وإنما قال هذا؛ لأنهم كانوا ذوي الأسرار، كخَفَاء الشِّعار عن الدِّثار، وقيل: يريد قُربهم منه - صلى الله عليه وسلم - كقرب الشعار من البدن.
قوله:"إنكم ستلْقَون بعدي أثرةً، فاصْبروا"، قيل:(الأثرة) اسم من الاستئثار.
قال في "شرح السنة": يريد يستأثر عليهم، فيفضل غيرُكم نفسَه عليكم، ويجوز أن يريد: توليةَ غيرِهم الخلافة، وما جرى عليهم من الجفاء المنقول.