٤٨٧٨ - عن أبي هُريرَةَ - رضي الله عنه - قال: كُنَّا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ الفَتْحِ فقالَ:"مَن دَخَلَ دارَ أبي سُفْيانَ فهوَ آمِنٌ، ومَن أَلقَى السِّلاحَ فهوَ آمِنٌ", فقالَتِ الأَنْصارُ: أمَّا الرَّجُلُ فقد أَخَذَتْهُ رَأْفةٌ بعشيرَتِهِ ورغبةٌ في قَرْيَتِهِ، ونزلَ الوحيُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالَ:"قلتُم: أَمَّا الرَّجلُ أخذَتْهُ رأفةٌ بعشيرَتِهِ ورغبةٌ في قَرْيَتِهِ، قال: كلا! إنِّي عَبْدُ الله ورسولُه هاجَرْتُ إلى الله وإليكم، المَحْيَا مَحْيَاكُم، والمَمَاتُ مَمَاتُكم"، قالوا: والله ما قُلْنَا إلا ضنًّا بالله ورسولِهِ، قال:"فإنَّ الله ورسولَه يُصَدِّقانِكم ويَعْذِرَانِكم".
قول الأنصار:"أما الرجلُ فقد أخذتْهُ رأفةٌ بعشيرته، ورغبةٌ في قريته"، المراد بـ (الرجل): النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، و (الرأفة): الرحمة، (العشيرة): القبيلة، (القرية) ها هنا: مكة شرَّفها الله سبحانه.
قوله:"كلا، إنِّي عبدُ الله ورسولُه، هاجرْتُ إلى الله وإليكم, المَحْيا مَحْياكم، والمَمَات مَمَاتكم"، (كلا) ها هنا حرف رَدْع؛ أي: ليس الأمر كما تظنُّون، بل هجرتي كانت إلى الله، وإنَّ الهجرةَ من دار قومي كانت إلى داركم، وإنِّي في حياتي ومَمَاتي لا أفارِقُكم.
ثم قالوا:"والله! ما قُلنا إلا ضَنًّا بالله ورسوله"، (الضَنَّ): البخل، يقال: ضَنَنْتُ بالشيء: أَضنُّ به ضنًّا وضَنَانة: إذا بخلت به، وهو ضَنينٌ به؛ يعني: ما قلنا ذلك إلا ضَنًّا وبخلًا بما شرفنا الله سبحانه بوجودك، وخوفًا على فوات ذلك الشرف والكرامة، وهو انتقالك إلى مكة، وإقامتك بها.
* * *
٤٨٨٠ - عن أنسٍ قال: مَرَّ أبو بَكْرٍ والعَبَّاسُ - رضي الله عنهما - بمَجْلِسٍ مِن مجالسِ الأَنْصارِ وهم يَبْكُونَ فقال: ما يُبْكِيكُم؟ قالوا: ذكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَّا،