٤٩٨ - وقال:"إذا قامَ أحدُكُمْ إلى الصَّلاةِ فلا يَبصُقْ أَمامهُ، فإنما يناجي الله ما دام في مُصلاه، ولا عن يمينه؛ فإن عن يمينه ملَكًا، وليبصُق عن يَسارِهِ أو تحتَ قدَمِهِ فَيَدْفِنُها"، وفي رواية:"أو تحتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى".
قوله:"فلا يبصق"؛ أي: فلا يسقط البزاق.
قوله:"أمامه" بفتح الهمزة؛ أي: تلقاء وجهه؛ يعني: نحو القبلة.
و"يناجي الله تعالى"؛ أي: يخاطبه، ومن يخاطب أحدًا لا يبصق نحوه، والله تعالى ليس له مكان حتى يختصَّ بجهة، بل جميع الجهات عنده سواء، ولعل المراد من النهي: أن لا يبصق المصلي تلقاء وجهه صيانةً للقبلة عما ليس فيه تعظيمٌ.
قوله:"فإن عن يمينه ملكًا"، اعلم أن عن يساره ملكًا كما أن عن يمينه ملكًا؛ لقوله تعالى:{إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ}[ق: ١٧].
(يتلقى)؛ أي: يأخذ ويكتب، (المتلقيان): الملكان الموكلان بالإنسان؛ أحدهما عن يمينه يكتب حسناته، والثاني عن شماله يكتب سيئاته.
(قعيد)؛ أي: كل واحد منهما مُقاعِدٌ؛ أي: مجالس وملازم له.
ولعل المراد بالنهي عن إلقاء البزاق عن اليمين: زيادةُ تعظيم الملك الذي هو عن اليمين؛ لأنه يكتب الحسنات، ومن يكتب الحسنات أشرفُ من الذي يكتب السيئات، ولأن جانب يمين الرجل خيرٌ من شماله.
وفي هذا الحديث دلالةٌ على طهارة البزاق؛ لأنه لو لم يكن طاهرًا لما أمر النبي - عليه السلام - المصلي بإلقاء البزاق في مُصلاه، وقد أمره في حديث آخر: أن يأخذ البزاق بثوبه.
قال الخطابي: لا أعلمُ أحدًا قال بنجاسة البزاقِ إلا إبراهيم النخعي.