قال: فَمَطَرَتِ السَّماءُ تِلكَ اللَّيْلَة، وكانَ المسجدُ على عَرِيشٍ، فَوَكَفَ المسجدُ، فَبَصُرَتْ عَيْنايَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الماءَ والطِّينِ من صَبيحَةِ إحْدَى وعِشْرِين.
"وعن أبي سعيد الخُدري: أنَّ رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم اعتَكفَ العَشرَ الأولَ من رمضان، ثم اعتَكَف العَشرَ الأوسطَ في قُبَّة تُركيَّةٍ"؛ أي: في قبة مِن لِبْدٍ، ضُربت في المسجد، وتُسمى بالفارسي: خاركاه.
"ثم اعتكفتُ العَشرَ الأوسطَ، ثم أُتيت"؛ أي: أتاني آتٍ من الملائكة.
"فقيل لي: إنها"؛ أي: ليلةَ القَدْر "في العَشر الأواخر"، لا في العَشر الأول ولا في الأوسط، فعزمت أنَّ أعتكفَ العَشرَ الآخرَ.
"فمَن كان اعتكفَ معي"؛ أي: أرادَ موافقتي "فَلْيعتكِفِ العَشرَ الأواخرَ، فقد أُريتُ هذه الليلةَ، ثم أُنسيتُها": كلاهما بصيغة المجهول، ولعل الحكمة في نسيانها: هو ألا يشتغلَ الناسُ بتعظيمها، ويتركوا تعظيم باقي الليالي، فأخفاها الله تعالى ليزدادوا جدًّا واجتهادًا في طلبها.
"فلقد رأيتُني"؛ أي: رأيتُ في المنام أيضًا "أني أسجدُ في ماءٍ وطينٍ من صبيحتها"؛ أي: في صبيحة ليلة القَدْر، فنُسيت أيةَ ليلةٍ كانت، فالتَمِسُوها في العشر الأواخر، "والتَمِسُوها في كل وتِر، قال"؛ أي: الراوي:
"فمطرتِ السماءُ تلك الليلةَ، وكان المسجدُ على عَرِيشٍ"؛ أي: بني على صورة العَرِيش، والعَرِيش والعَرْش: ما يُستظل به من البناء بالخشب أو الثمار، أو بهما.