"فإذا اختلفتم"؛ أي: تفرَّقت قلوبُكم وسئُمتم من القرآن.
"فقوموا عنه"؛ أي: اتركوا قراءتَه؛ فإنه أعظمُ من أن يقرأَه أحدٌ من غير حضور القلب، أو المراد: اقرؤوا ما دمتم متفقين على تصحيح قراءته وأسرار معانيه، فإذا اختلفتم في ذلك فاتركوه؛ لأن الاختلافَ يُفضي إلى الجدال، والجدال إلى الجُحود وتلبيس الحق بالباطل، أعاذنا الله من ذلك بفضله.
* * *
١٥٦٨ - وسُئلَ أنسٌ - رضي الله عنه -: كيفَ كانتْ قِراءَةُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟، فقال: كانَتْ مَدًّا، ثم قرأ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، يمدُّ بـ {بِسْمِ اللَّهِ}، ويَمُدُّ بـ {الرَّحْمَنِ}، ويمُدُّ بـ {الرَّحِيمِ}.
"وسئل أنس: كيف كانت قراءةُ النبي عليه الصلاة والسلام؟ فقال: كانت" قراءتُه "مَدًّا"؛ أي: ذاتَ مَدٍّ؛ أي: كان - صلى الله عليه وسلم - يمدُّ حرفَ المَدِّ واللِّين، وحروفُ المَدِّ ثلاثةٌ: الألف، والواو الساكنة التي قبلها ضمة، والياء الساكنة التي قبلها كسرة، فإذا كان في الكلام أحدُ هذه الحروف وبعدها همزةٌ كقوله تعالى:{قُولُوا آمَنَّا}[البقرة: ١٣٦]، أو حرفٌ مشدَّةٌ كقوله تعالى:{أَتُحَاجُّونِّي}[الأنعام: ٨٠]، أو ساكنٌ كقوله - تعالى:{ص}[ص: ١]- يمدُّ ذلك الحرف.
"ثم قرأ"؛ أي: أنسٌ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، يمدُّ {بِسْمِ اللَّهِ}، ويمدُّ بـ {الرَّحْمَنِ}، ويمدُّ بـ {الرَّحِيمِ} "؛ ليَعلَمَ الحاضرون كيفيةَ قراءته - صلى الله عليه وسلم -، فمَدُّ البسملةِ لم يكن إلا بقَدْر خروج المَدِّ من الفم؛ لأنه ليس بعد الألف همزةٌ ولا تشديدٌ ولا ساكنٌ.