"وعنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليس مِنَّا"؛ أي: خُلقًا وسيرةَ "مَن لم يتغنَّ بالقرآن"؛ أي: مَن لم يستغنِ به عن غيره، وقيل: معناه: مَن لم ينفرج من غمومه بقراءة القرآن والتدبُّر فيه.
* * *
١٥٧٢ - وقال عبد الله بن مَسْعودٍ - رضي الله عنه -: قالَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المِنْبَرِ:"اقْرَأْ عليَّ"، قلتُ: أَقْرَأُ عليكَ وعليكَ أنْزِلَ؟، قال:"إنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي"، فقرأْتُ سورةَ النِّساءِ حتَّى أتيتُ إلى هذه الآية:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قال: "حَسْبُكَ الآن"، فالتفتُّ إليه، فإذا عَيْنَاهُ تَذْرِقانِ.
"وقال عبد الله بن مسعود: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر: اقرأ عليَّ"؛ أي: اقرأ حتى أستمعَ إليك.
"قلت: أَقرأُ عليك وعليك أُنزل؟ "؛ أي: القرآن.
"قال: فإني أُحبُّ أن أَسمعَه من غيري": وهذا دليل على أن استماعَ القرآنِ سُنَّةٌ.
"فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ} "؛ أي: كيف يصنع الكَفَرةُ من اليهود وغيرهم {إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} يَشهَد عليهم بما فعلوا، وهو نبيُّهم.
{وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ} المكذِّبين {شَهِيدًا}، قال: حَسْبُك الآنَ"؛ أي: لا تَقرَأْ شيئًا آخر؛ فإني مشغولٌ بالتفكُّر في هذه الآية بالبكاء.