للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول الله تعالى: أنا عند ظنِّ عبدي بي"، معناه: أُعامِلُ العبدَ على حسن ظنِّه بي، وأفعلُ به ما يتوقَّعه مني.

والمراد: الحثُّ على حسن الظن بالله، وتغليب الرجاء على الخوف، والظنُّ هنا بمعنى: اليقين والاعتقاد، لا بمعنى: الشك.

"وأنا معه"؛ أي: مع عبدي "إذا ذَكَرَني"، أراد به: المَعيَّة بالمعونة والرحمة والتوفيق، وقيل: بالعلم؛ أي: أنا عالِمٌ به، لا يَخْفَى عليَّ شيءٌ من قوله.

"فإنْ ذَكَرَني في نفسه"؛ أي: سرًّا وخفيةً؛ إخلاصًا وتجنُّبًا عن الرِّياء "ذكرتُه في نفسي"؛ أي: أُسرُّ بثوابه، لا أَكِلُهُ إلى أحدٍ من خلقي، وذِكرُه تعالى العبد: هو حسنُ القَبول منه، والمجازاةُ له بالحُسنى.

"منْ ذَكَرَني في ملأ"؛ أي: بين جماعةٍ من المؤمنين "ذكرتُه في ملأ خيرٍ منهم" يريد بهم: الملائكةَ المقرَّبين وأرواحَ المرسلين، واختُلف في خيرية الملائكة من البشر.

والمختار: أن خواصَّ البشرِ كالأنبياء خيرٌ من خواصِّ الملائكة، وأما عوامُّ البَشَر فليسوا بخيرٍ من الملائكة أصلًا، لا من خواصِّهم ولا من عوامِّهم.

فمعنى قوله: (في ملأ خير منهم)؛ أي: خيرٍ منهم حالًا؛ فإن حالَ الملائكة خيرٌ من حال الإنس في الجدِّ والطاعة، قال تعالى فيهم: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦]، وأحوالُ المؤمنين مختلفةٌ بين طاعةٍ ومعصيةٍ، وجدٍّ وفتورٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>