تَرَكْتُ فيكُمْ مَا لنْ تَضلُّوا بَعْدَهُ إِن اَعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كِتَابَ الله، وأَنتمْ تُسْألونَ عَنِّي، فَمَا أَنتمْ قَائِلُونَ؟ "، قالوا: نشهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وأَدَّيْتَ ونَصَحْتَ، فقال بإصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُها إلى السَّماءَ، ويَنْكُتُهَا إلى النَّاسِ: "اللَّهمَّ اَشْهَدْ، اللَّهمَّ اَشْهَدْ، اللَّهمَّ اَشْهَدْ" ثَلَاثَ مرَّات، ثُمَّ أَذَّنَ بِلالٌ، ثُمَّ أقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أقامَ فَصَلَّى العَصْرَ، ولَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شيئاً، ثُمَّ رَكِبَ حتَّى أتى المَوْقفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ ناقَتِهِ القَصْوَاءَ إلى الصَّخَرَاتِ، وجَعَلَ حَبْلَ المُشاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، واَستقْبَلَ القِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ واقفاً حتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وأَرْدَفَ أُسامَةَ خَلْفَهُ، ودَفَعَ حَتَّى أتى المُزْدلفَةَ، فَصَلَّى بها المَغْرِبَ والعِشاءَ بأَذَانٍ واحِدٍ وإقامَتَيْنِ، ولم يُسَبحْ بَيْنَهُمَا شيْئاً، ثُمَّ اَضْطَجَعَ حتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فَصَلَّى الفَجْرَ حينَ تَمينَ لَهُ الصُّبْحُ بأَذَانٍ وإقامَةٍ، ثمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ حَتَّى أتى المَشْعَرَ الحَرامَ، فاَسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَحَمِدَ الله وكَبَّرَهُ وهَلَّلَهُ ووَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ واقِفاً حَتَّى أسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَع قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وأَرْدَفَ الفَضْلَ بن عَبَّاسٍ حتَّى أتى بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قليلاً، ثُمَّ سَلَكَ الطَّريقَ الوُسْطَى التي تَخْرُجُ على الجَمْرَةِ الكُبْرَى، حَتَّى أتى الجَمْرَةَ التي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فرماهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبرُ مَعَ كُلِّ حصَاةٍ منها مِثْلَ حَصَى الخَذْفِ، فَرَمَى مِنْ بَطْنِ الوادِي، ثُمَّ اَنْصَرَفَ إلى المَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثلاثًا وسِتِّينَ إبلاً بيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَر ما غَبَرَ، وأَشْرَكَهُ في هَدْيهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ في قِدْرٍ فَطُبخَتْ، فَأَكَلا مِنْ لَحْمِهَا، وشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ الله - صَلَّى الله عليه وسلم -، فَأفاضَ إلى البَيْتِ، فَصَلَّى بمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بني عَبْدِ المُطَّلِبِ يَسْقُونَ على زَمْزَمَ، فقالَ: "انْزَعوا بني عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ على سِقَايتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ"، فَنَاوَلُوهُ دلواً، فَشَرِبَ منهُ.
"من الصحاح":
" قال جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: إن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - مكث بالمدينة تسع سنين لم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute