الفتح": يريد بها: الهجرة من مكة إلى المدينة، وكانت تلك فرضًا على كل مسلم مستطيع قبل فتح مكة؛ ليكونَ في سعة من العبادة متمكنًا من الطاعة بلا صارفٍ، ولينصرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إعلاء كلمته وإظهار دينه، فلما فُتِحت رُفِعت الهجرة؛ لزوال الموجب.
"ولكن": بقي "جهادٌ"؛ أي: محاربة الكفار.
"ونيةٌ"؛ أي: قصد وعزم على إعلاء الدين وإظهاره، ينالون بهما ثوابًا ورتبة تقرب من رتبة المهاجرين.
وقيل: المعنى: ولكن جهاد في سبيل الله، ونية يفارق بها الرجل أهل الفسق، إذا لم يقدر على تغيير.
وقيل: المراد النية الخالصة في محبة الله ومحبة رسوله.
"وإذا استنفرتم"؛ أي: إذا طلبَ أمراؤكم النفر؛ أي: الخروج للجهاد.
"فانفروا"؛ أي: فاخرجوا حيث ما كنتم، وهذا حثٌّ على الجهاد، وأمرٌ بإجابة الداعي إليه، إنما قاله تحقيقًا لوجوبه؛ لئلا يختلجَ في صدورهم قياس الجهاد على الهجرة في السقوط.
* * *
"وعنه: أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: إن هذا البلد حرَّمه الله"؛ يعني: كتب في اللوح المحفوظ.
"يوم خلق السماوات والأرض": إن إبراهيم سيحرم مكة بأمر الله.
والفاء في "فهو" جزاء شرط محذوف؛ أي: إذا كان الأمر كذلك فهو "حرام بحرمة الله": بتحريمه أظهره على لسان إبراهيم، لا بتحريم من الناس باجتهاد شرعي.