للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٩٩ - وعن ابن عبَّاسٍ أن نفراً مِنْ أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مرُّوا بماءٍ فيهمْ لَديغٌ، فعَرَضَ لهمْ رجلٌ مِنْ أهلِ الماءِ فقال: هلْ فيكُمْ مِنْ راقٍ؟ إنَّ في الماءِ رجُلاً لدِيغاً. فانطلقَ رجلٌ منهمْ فقرأَ بفاتِحَةِ الكتابِ على شاءٍ فبرأَ، فجاءَ بالشاءِ إلى أصحابهِ فكرِهُوا ذلكَ وقالوا: أخذتَ على كتابِ الله أجْراً، حتى قَدِمُوا المدينةَ فقالوا: يا رسولَ الله! أخذَ على كتابِ الله أجراً، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أحقَّ ما أخذْتُمْ عليهِ أجْراً كتابُ الله".

وفي روايةٍ: "أصبتُمْ، اقْسِمُوا واضْرِبُوا لي معكُمْ سَهْماً".

"عن ابن عباس - رضي الله عنه -: أن نفراً من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام مرُّوا بماء"؛ أي: بأهل ماء، والمراد به: الحي النازلون عليه، ولذا جمع الضمير في قوله "فيهم لديغ"؛ أي: ملدوغ، "فعرض لهم"؛ أي: استقبلهم "رجل من أهل الماء فقال: هل فيكم من راق"؛ أي: قارئ رقية، "إن في الماء رجلاً لديغاً، فانطلق"؛ أي: ذهب "رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاءٍ" جمع شاة وهي الغنم؛ يعني: قال ذلك الرجل لهم أرقي هذا اللديغ بشرط أنْ تُعطوني كذا رأساً من الغنم، فرَضُوا، فقرأ عليه فاتحة الكتاب، "فبرأ" ببركة كلام الله، "فجاء بالشاة إلى أصحابه فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب الله أجراً حتى قدموا المدينة فقالوا: يا رسول الله! أخذ على كتاب الله أجراً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله"، وبهذا قال الشافعي ومالك: يجوز أخذُ الأجرة على تعليم القرآن، والرقية بكلام الله، وباسمه تعالى، والدعوات؛ لأن القرآن والنَّفث من الأفعال المباحة، ومنع ذلك أبو حنيفة وأحمد.

"وفي رواية: أصبتم"؛ أي: فعلتم صواباً وحقاً، "اقسموا واضربوا لي معكم سهماً"؛ أي: اقسموا وبيِّنوا لي نصيباً من هذه الشاة، وإنما قال هذا ليطمْئِنَ قلوبَهم باستحلال أخذ الأجرة على الرقية؛ لأنه لو لم يكن حلالاً وموافقاً

<<  <  ج: ص:  >  >>