قال:"إن فلاناً أَهْدى إليَّ ناقةً، فعوَّضْتُه منها ستَّ بَكْراتٍ فظَلَّ ساخِطاً! لقد هَمَمْتُ أنْ لا أَقبلَ هديةً إلا مِن قُرَشيٍّ، أو أنصاريٍّ، أو ثَقَفيٍّ، أو دَوْسيٍّ".
"عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن أعرابياً أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَكْرة" وهي الفَتِيَّة من الإبل، "فعوضه منها ست بَكرات" جمع بكرة، "فتسخط"؛ أي: استقل الأعرابي عطاءَه؛ لأن طمعه في الجزاء كان أكثر لِمَا سَمعَ من جوده عليه الصلاة والسلام، "فبلغ ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن فلاناً أهدى إلي ناقة (١)، فعوضته منها ست بكرات، فظل ساخطاً، لقد هممت"؛ أي: قصدت "أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دَوسي"، وإنما خص المذكورين بقبول هداياهم لعلمه بسخاوة أنفسهم وعلو هممهم، وصدق نياتهم، وقطع نظرهم من الأعراض الدنياوية، فكره عليه الصلاة والسلام قَبولَ الهدية ممن لا باعث له عليها إلا الطمع.
* * *
٢٢٣٥ - عن جابرٍ - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"من أُعطيَ عطاءً فوَجَدَ فليَجْزِ بهِ، ومَنْ لم يَجدْ فليُثْنِ، فإنَّ مَنْ أَثنَى فقد شكرَ، ومَن كتَمَ فقد كَفَرَ، ومَن تَحَلَّى بما لم يُعْطَ كَانَ كَلابسِ ثَوْبَيْ زُورٍ".
"عن جابر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: مَنْ أعطى عطاء فوجد"؛ أي: غنى وقَدر على المكافأة، "فليجز به"؛ أي: فليعطه عطاء مكافأة لفعله، "ومن لم يجد فليثن" عليه بخير، وليشكره ولا يكتُم نعمته عليه، "فإن مَنْ أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر" من الكفران، لا من الكفر؛ أي: ترك أداء حقه، "ومن تحلى"؛ أي: تزين "بما لم يُعط" على بناء المجهول؛ أي: بما لم يعطاه "كان