"وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان" فلا يفوت منه شيء مما تقولون، هذا مناظرة جرت بينهم لبيان [أن] إدراك النفوس القدسية لا يضعف بضعف الحواس واستراحة الأبدان.
"فقالوا: مثله كمثل رجل بنى دارًا وجعل فيها"؛ أي: في الدار "مأدُبة" بضم الدال، هو الطعام الذي يصنع للأضياف.
"وبعث"؛ أي: أرسل باني الدار "داعيًا" يدعو الناس إلى تلك المأدبة.
"فمن أجاب الداعي دخل الدار وكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة، فقالوا"؛ أي: الملائكة بعضهم لبعض: "أوِّلوها له"؛ أي: فسِّروا القصة أو التمثيل لمحمد - عليه الصلاة والسلام - "يفقهها" بالجزم جواب الأمر؛ أي: يفهمها.
"قال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: الدار الجنة والداعي محمد عليه الصلاة والسلام" وإنما لم يذكر المأدبة والباني في تأويلهم؛ لاشتمال الجنة عليها؛ لأنها دار المأدبة (١) والمطالب، والباني هو الله تعالى، وهو ظاهر.
"فمن أطاع محمدًا فقد أطاع الله، ومن عصى محمدًا فقد عصى الله تعالى" لأنه عليه الصلاة والسلام لا يأمر ولا ينهى إلا بما أمر الله تعالى ونهى.
"ومحمد صلى الله تعالى عليه وسلم فرق" بالتشديد؛ أي: ميَّز وفصَّل "بين الناس": فتبين به المطيع عن العاصي، ويروى بالسكون مصدر بمعنى الفارق؛ أي: فارِقٌ بين المؤمن والكافر.
قيل: يحتمل أن يكون جابر قد سمع هذا الحديث منه عليه الصلاة