"عدلُه جورَه" بحيث منعه عن الجور؛ أي: الظلم في الحكم.
"فله الجنة، ومن غلب جورُه عدلَه" بحيث يمنعه عن العدل "فله النار".
فإن قيل: قوله: (حتى يناله) غايةٌ للطلب يُفهم منه أنه بالَغَ في الطلب ثم ناله، فمثلُ هذا موكلٌ إلى نفسه ولا ينزل عليه ملكٌ يسدده، فكيف يغلب عدلُه جورَه؟
يمكن أن يقال: بأن الطالب قد يكون مؤيَّداً بتأييد الله كالصحابة والتابعين، فمَن طلب منهم بحقه لا يكون موكلاً إلى نفسه، وهو يقضي بالحق، وقد لا يكون مؤيَّداً، وهو الذي يكون موكلاً إلى نفسه ويغلبُ جورُه عدلَه.
* * *
٢٨١٤ - عن معاذِ بن جَبلٍ - رضي الله عنه -: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا بعثَهُ إلى اليمنِ قال:"كيفَ تقضي إذا عَرضَ لكَ قضاءٌ؟ "، قال: أقضي بكتابِ الله، قال:"فإنْ لم تَجدْ في كتابِ الله؟ "، قال: فبسُنَّةِ رسولِ الله، قال:"فإنْ لم تَجدْ في سُنَّةِ رسولِ الله؟ "، قال: أَجتهِدُ رأيي ولا آلو، قال: فضربَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على صدرِهِ وقال:"الحمدُ للهِ الذي وَفَّقَ رسولَ رسولِ الله لِما يُرضي رسولَ الله".
"عن معاذ بن جبل - رضي الله تعالى عنه -: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال: كيف تقضي إذا عرض عليك قضاءٌ؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسُنَّة رسول الله، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي"؛ أي: أطلب تلك الواقعة بالقياس على المسائل التي جاء فيها نصٌّ، فإن وجدتُ مشابهةً بين تلك الواقعة وبين المسألة التي جاء فيها نصٌّ، أَحْكُمُ فيها بمثل المسألة التي جاء فيها نص لمَا بينهما من المشابهة.