"وأنت تملِكُ أمرَكَ" أي: في حال اختيارك وقبل كونك أسيراً.
"أفلحْتَ كلَّ الفلاح" أي: نجوت في الدنيا بالخلاص من الرقِّ، وفي العقبى بالنجاة من النار، وفيه دلالة على أن الكافر إذا وقع في الأسر فادَّعى أنه كان قد أسلم قبله لم يقبل إلا ببينة، وإن أسلم بعده حرم قتله، وجاز استرقاقه، وإن قَبلَ الجزية بعده، ففي حرمة قتله خلاف.
"قال: ففداه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بالرجلين اللذين أسرهما ثقيف" فيه دلالة على جواز الفدية.
قيل: الظاهر أنه مسلم لأن معنى قوله: (أفلحت كلَّ الفلاح) أفلحت بإسلامك، ولكن لم يحصل لك كل الخلاص به؛ لذِكْرِك إيَّاه بعد الأسر، ولو ذَكَرْتَه قبله تخلصْتَ كلَّ الخَلَاص، وأما رده وأخذه الرجلين بدله، فلا ينافي إسلامه لجواز أن يكون الرد شرطاً بينهم في العهد الجاري بينه - صلى الله عليه وسلم - وبينهم.
* * *
مِنَ الحِسَان:
٣٠١٩ - عن عائشةَ قالت: لمَّا بعثَ أهلُ مكَّةَ في فداءَ أُسرَائِهم، بعثَتْ زينبُ في فداءَ أبي العاص بمالٍ، وبعثَتْ فيهِ بقِلادةٍ لها كانَتْ عندَ خديجةَ أدخلَتْها بها على أبي العاصِ، فلمَّا رَآها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَقَّ لها رِقَّةً شديدةً، وقال:"إنْ رأيتُم أَنْ تُطْلِقُوا لها أَسيرَها، وتردُّوا عليها الذي لها؟ "، فقالوا: نعم، وكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أخذَ عليه أنْ يُخلِّيَ سبيلَ زينبَ إليه، وبعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زيدَ بن حارثةَ ورَجُلاً من الأنصارِ فقال:"كُونَا ببطنِ يَأْجِجٍ حتى تَمُرَّ بِكُمَا زينبُ فتصْحَبَاها حتى تَأْتِيا بها".
"من الحسان":
" عن عائشة - رضي الله عنها [قالت:] لما بَعَثَ أهل مكَّة في فداء