إلى أنْ قال: إذْ جاء سُهيلُ بن عَمْرٍو، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اكتُبْ هذا ما قاضى عليهِ مُحمدٌ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ". فقال سُهيل: والله لو كنَّا نَعلمُ أنَّكَ رسولُ الله ما صَدَدْناكَ عن البيتِ ولا قاتَلْناك، ولكن اكتُبْ محمدُ بن عبْدِ الله، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "والله إنِّي لَرسولُ الله وإنْ كذَّبتُموني، اكتُبْ محمدُ بن عبدِ الله ". فقال: سُهيل: وعلى أنْ لا يأْتِيكَ منَّا رجُل وإنْ كانَ على دينكَ إلَّا ردَدْتَهُ علينا. فلما فَرَغَ مِنْ قضيَّةِ الكِتابِ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأصْحابهِ:"قوموا فانحَرُوا ثمَّ احْلقُوا". ثم جاء نِسوةٌ مؤْمِناتٌ، فأنزلَ الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ. . .}[الممتحنة: ١٠] الآية. فنهاهُم الله - عز وجل - أنْ يَردُّوهُنَّ وأَمَرهُم أَنْ يَرُدُّوا الصَّداقَ. ثم رَجَعَ إلى المدينةِ فجاءَهُ أبو بَصيرٍ رجلٌ منْ قُرَيْشٍ وهو مُسلمٌ فأرسَلوا في طَلَبهِ رَجُلَيْنِ، فدفعَهُ إلى الرَّجُلَين، فخَرجا بهِ حتَّى بَلَغا ذَا الحُلَيْفة نزلُوا يأكُلونَ منْ تمرٍ لهمْ، فقال أبو بَصيرٍ لأحدِ الرجُلَين: والله إنِّي لأَرى سَيفَكَ هذا يا فُلانُ جيدًا، فَأَرِنى أنظُرْ إليهِ، فأمْكَنَهُ منهُ، فضَرَبَهُ حتَّى بَرَدَ، وفرَّ الآخَرُ حتَّى أتى المدينةَ، فدخَلَ المَسجدَ يَعْدو، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لقد رأَى هذا ذُعْرًا". فقالَ: قُتِلَ والله صاحِبي وإنّي لَمقتولٌ. فجاءَ أبو بَصيرٍ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَيلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَربٍ لو كانَ لهُ أحدٌ". فلمَّا سمعَ ذلكَ عَرَفَ أنَّهُ سيَرُدُّهُ إليهمْ، فخَرَجَ حتَّى أتى سِيفَ البحرِ، قال: وتَفَلَّتَ أَبو جَنْدَلِ بن سُهيلٍ فلَحِقَ بأبي بَصيرٍ، فجعلَ لا يخرجُ من قُرَيشٍ رجل قد أَسْلَمَ إلَّا لَحِقَ بأَبى بَصيرٍ، حتَّى اجتمعَتْ منهُمْ عِصابة، فوالله ما يَسْمعونَ بعِيرٍ خَرَجَتْ لقُرَيْشٍ إلى الشّامِ إلَّا اعترَضُوا لها، فقَتَلُوهم وأَخَذوا أموالَهم، فأرسلَتْ قُريشٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تُناشِدُهُ الله والرَّحِمَ لمَّا أرسلَ، فمنْ أتاهُ فهوَ آمِنٌ، فأرسلَ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - إليهم.
"من الصحاح":
" عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - عام