فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة، نزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيداً، أرنى أنظرْ إليه، فأمكنه منه"؛ أي: رفع السيف إلى أبي بصير.
"فضربه"؛ أي: أبو بصير ذلك الكافر.
"حتى برد"؛ أي: مات، وسكنت منه حركة الحياة، وهذا من إطلاق اللازم على الملزوم.
"وفرَّ الآخرُ حتى أتى المدينة، فدخل المسجدَ يعدو، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لقد رأى هذا ذُعراً"؛ أي: خوفًا.
"فقال: قتل والله صاحبي، وإني لمقتول"؛ يعني: لو لم أفرَّ دنوت أن أقتل.
"فجاء أبو بصير، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ويلَ أمه": بالنصب على المصدر، وبالرفع على الابتداء، والخبر محذوف، معناه في الأصل: الحزن والمشقة والهلاك، وقد يراد به التعجب، وهو المراد؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - تعجَّب من حسن نهضته للحرب، وجودة معالجته لها.
"مِسْعَرُ": بكسر الميم وسكون السين وفتح العين، خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو مسعر "حرب": وهو الذي يحمي الحرب، ويهيج الشر، وسعرت النار والحرب؛ أي: أوقدتها، والمسعر والمسعار: ما تحرَّك به النار، يصفه بالمبالغة في الحرب والنجد [ة].
"لو كان له أحدٌ"؛ أي: لأبي بصير صاحبٌ ونصيرٌ ينصره، وقيل: معناه: لو كان له أحدٌ يعرفه أن لا يرجَع إليَّ حتى لا أرده إليهم، وهذا أنسبُ بسياق الحديث.
"فلما سمع"؛ أي: أبو بصير "ذلك" القولَ من النبي - صلى الله عليه وسلم -.