وأما في حال قوة الإسلام؛ فلا يصالحون سنة بلا جزية، ويجوز إلى أربعة أشهر، ولو صُـ[ـو] لحوا إلى مدة - على أنه لو بدا لنا النقضُ فعلنا - جاز.
ولا يصالحهم الإمام عند ضعفنا على النساء خشيةَ إصابة المشركين إياها، وخشية ردتها إذا خُوِّفت أو أكرهت. لضعف قلبها، وقلة هدايتها إلى التورية بكلمة الكفر بخلاف الرجل.
"يأمن فيهن الناس، وعلى أن بيننا عَيْبة": وهي - بفتح العين المهملة ثم السكون -: ما يجعل فيه الثياب.
"مكفوفة"؛ أي: مشدودة؛ يعني: يُحفَظُ العهد والشرط ولا ننقضه، كما يُحفظ ما في العيبة بشد رأسها؛ يعني: لا تُذكَر العداوة التي كانت بيننا قبل هذا، ولا ينتقم بعضنا بعضًا، فكان بيننا صدر سليم وعقائد صحيحة في المحافظة على العهد الذي عقدناه بيننا.
"وأنه لا إسلالَ"؛ أي: لا سرقة.
"ولا إغلالَ"؛ أي: ولا خيانة؛ يعني: لا يأخذ بعضنا مال بعض؛ لا في السر، ولا في العلانية.
وقيل: الإسلال: من سل السيوف، والإغلال: لبس الدروع؛ أي: لا يحارب بعضنا بعضًا، فلما مضى بعد هذا الصلح ثلاثُ سنين، نقضوا عهدهم بإعانتهم بني بكر على حرب خزاعة حلفاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومحاربُ حليف الشخص كمحارب ذلك الشخص.
* * *
٣٠٨٨ - وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا مَنْ ظَلَمَ مُعاهدًا أو انتقَصَهُ، أو كلَّفَهُ فوقَ طاقتِهِ، أو أخذَ منهُ شيئًا بغيرِ طيبِ نَفْسٍ، فأنا حَجيجُهُ يومَ القِيامَةِ".