١٤٦ - عن أنس - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول:"لا تُشدِّدوا على أنفُسِكُم، فيُشدِّدَ الله عليْكُمْ، فإنَّ قومًا شدَّدوا على أنفُسِهم فشدَّدَ عليهم، فتلْكَ بقاياهُمْ في الصَّوامعِ والدِّيار {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}[الحديد: ٢٧] ".
"وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: لا تشدِّدوا على أنفسكم"؛ أي: بالأعمال الشاقة، كصوم الدهر وإحياء الليل كله واعتزال النساء؛ لئلا تَضعُفُوا عن العبادة وأداء الحقوق والفرائض.
"فيُشدِّدَ" بالنصب: جواب النهي؛ أي: يُشدِّدَ "الله عليكم؛ فإن قومًا" من بني إسرائيل "شدَّدُوا على أنفسهم" حين أُمروا بذبح بقرة، فسألوه عن لونها وسنِّها وعن غير ذلك من صفاتها، "فشدَّد الله عليهم"، بأن أمرهم بذبح بقرة على صفة لم توجد بتلك الصفة إلا بقرة واحدة، لم يبعْها صاحبها إلا بملء جِلدها ذهباً.
"فتلك" الجماعة.
"بقاياهم في الصوامع" جمع: صَومَعة، وهي موضع عبادة الرُّهبان.
"والديار" جمع: الدَّير.
"رهبانية": نُصب بفعل يفسِّره ما بعده، وهو "ابتدعوها"، يقال: ابتَدَعَ: إذا أتى بشيء بديع؛ أي: جديد، لم يفعله قبلَه أحدٌ، و (الرَّهبانية) بفتح الراء المهملة: الخَصلة المنسوبة إلى الرَّهبان، وهو الخائف، فَعْلَان من: رَهِبَ رَهبةً؛ أي: خافَ، وبالضم: نسبة إلى الرُّهبان، جمع: الراهب.
"ما كتبناها"؛ أي: ما فَرَضْنا تلك الرهبانيةَ "عليهم": من تركهم التلذُّذ