أَجِنَّةً إلى تمام مُدَّةِ الحَمْل، فيُوْلَدُون أطفالاً، وينشؤون صغارًا إلى أن يكبروا، فيتمُّ طولِ أجسامهم، وهذا بخلافِ آدمَ، فإنَّ خَلْقَه لم يكن على هذه، بل أَولَ ما تناولته الخِلْقَة وُجِدَ خَلْقاً تاماً.
"طولُه سِتُّون ذراعاً"، وقيل: الضميرُ عائدٌ إلى الله تعالى لمَا في رواية أخرى: (خُلِقَ آدمُ على سورة الرَّحمن)، والأَوْلَى أن يحالَ المرادُ منه إلى عِلْمِ الله تعالى كما هو مذهبُ السَّلَف، أو يقال: إن الإضافةَ فيها إلى الله تعالى إضافةُ تكريمٍ وتشريفٍ كخلقه تعالى إياه على سورة لا يشاكِلُها صورةٌ أخرى كَمَالاً وجَمَالاً، ويحتمل أن يكونَ المرادُ من الصورةِ الصفةُ.
"فلمَّا خَلقَه قال: اذهبْ فسلِّمْ على أولئك النَّفَر"؛ أي: الجماعة.
"وهم نفرّ من الملائكة جلوسٌ"، جمع جالس.
"فاستمعْ ما يُحيُّونك"؛ أي: احفَظْ تحيتَهم بك.
"فإنَّها تحيتُك وتحيةُ ذُرَّيتِكَ فذهبَ فقال: السلامُ عليكم، فقالوا: السلامُ عليكَ ورحمةُ الله، قال"؛ أي: الراوي: "فزادُوه ورحمةُ الله - صَلَّى الله عليه وسلم -، وهذا يدلُّ على جوازِ الزيادة.
قال بعضٌ: يقولُ في الجوابِ أيضًا: السلامُ عليكَ لردِّ الملائكةِ على آدمَ كذلك، والأكثرُ على أنه يقول: وعليكَ السلامُ بتقديم الخطاب، وأمَّا قولهُم. ذلك، فليس جواباً لسلامه بل هو تحيّة له منهم على طريقةِ التعليمِ له.
"قال: فكلُّ مَن يَدْخُل الجنةَ على صورةِ آدَم وطولُه ستون ذراعاً، فلم يزلِ الخُلْقُ ينقُصُ بعدَه"؛ أي: طولهُم بعدَ آدم.
"حتَّى الآنَ"، بالنصب: ظرفٌ؛ يعني: حتَّى وصلَ النقصانُ إلى الوقتِ الذي ذَكرُ النبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فيه الحديثَ، قيلَ: هذا مقدَّمٌ في التَّرتيب على قوله: (وكلُّ مَن يدخلُ الجَنة).