"وفي رواية: قال: يقول الله تعالى: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء"؛ أي: يتمنون مثل حالهم من غير إرادةِ زوالها عنهم، قيل: المراد بيان فضلهم وعلوِّ شأنهم لا إثباتُ الغبطة لهم على حالهم، ولا يلزم أن يكون للمغبوط مرتبة أعلى من مرتبة النبيين والشهداء، ويحتمل أن يقصد إثباتها لأنَّ كل ما يتعاطاه الإنسان من علم أو عمل يكون لفاعله عنده تعالى منزلةٌ لا يشاركه فيها غيره، وإن كان للغير ما هو أرفع فيغبطه ويتمنى أن يكون له مثلُ ذلك مضموماً إلى حاله.
* * *
٣٨٩٧ - عن أبي مالكٍ الأَشْعرِيِّ قال: كنتُ عندَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذ قَالَ:"إن لله عِبادًا لَيْسُوا بأنبياءَ ولا شُهَداءَ، يغبطُهم النَّبيُّونَ والشُّهداءُ بقُربهم ومَقعَدِهم مِن الله يومَ القِيامةِ"، فقال أَعْرابيٌّ: حدِّثْنا يا رسولَ الله! مَن هُم؟ فقال:"هُم عِبادٌ مِن عِبادِ الله مِن بُلدانٍ شَتَّى وقبائلَ شتَّى، لم يَكنْ بينَهم أَرحامٌ يَتَواصَلُون بها، ولا دُنيا يتباذَلُون بها، يتحابُّون برُوحِ الله، يَجْعَلُ الله وُجوهَهُم نورًا، وتُجْعَلُ لهم منابرُ مِن نورٍ قُدّامَ عَرشِ الرَّحمنِ، يَفْزَعُ النّاسُ ولا يَفْزَعُون، ويخافُ النّاسُ ولا يخافُونَ".
"عن أبي مالك الأشعري أنَّه قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ قال: إن لله عبادًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء بقربهم"؛ أي: بسبب قربهم.
"ومقعدهم من الله يوم القيامة، فقال أعرابي: حدثنا من هم يا رسول الله؟ فقال: هم عباد من عباد الله من بلدان": جمع بلد، "شتى"؛ أي: متفرقة، "وقبائل": جمع قبيلة، "شتى، لم يكن بينهم أرحام يتواصلون بها ولا دنيا يتباذلون بها، يتحابون برُوح الله" بضم الراء: ما يَحيَى به الخلقُ ويكون حياة