للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

"وقال: أين السائلُ؟ وكأنه حمدَه"؛ أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَمِدَ السائلَ.

"فقال: إنه لا يأتي الخيرُ بالشرِّ، وإن مما يُنبت الربيعُ ما يَقتُل حَبَطًا" بفتحتين، نُصب على التمييز؛ أي: هلاكًا، يقال: حَبَطتِ الدابةُ حَبَطًا إذا أصابت مرعَى طيبًا، فأفرطت في الأكل حتى تنتفخَ، فتموت؛ وذلك لأن الربيعَ يُنبت خيارَ العُشب والبُقول ما يُؤكَل غيرَ مطبوخ، فتَستكثر منه الماشيةُ؛ لاستطابتها إياه حتى تنتفخَ بطونُها عند مجاوزتها حدَّ الاحتمال، فتنشقُّ أمعاؤها من ذلك "أو يُلِمُّ"؛ أي: تُقارب من الهلاك، كذلك المُفرِطُ في جمع المال من غير حلِّها؛ يُفرِط في التنعُّم حتى يقسوَ قلبُه من كثرة الأكل والشرب، فيتكبَّر ويحتقر الناسَ ويؤذيهم، ويمنع ذا الحقِّ حقَّه منها، فإنه قد تعرَّض لهلاكه في الآخرة بدخول النار، وفي الدنيا بأذى الناس؛ فهذا المالُ شرٌّ له ووبالٌ عليه.

"إلا آكلةَ الخُضَر": استثناء مفرغ من المثبت، و (الخُضَر) بضم الخاء وفتح الضاد المعجمتين، وقيل بفتح الخاء وكسر الضاد، وهو أكثر الروايات: هو الطَّرِيَّ الغَضُّ من النبات.

"أكَلتْ حتى إذا امتدَّتْ خاصرتاها"؛ أي: شَبعتْ "استَقبلتْ عينَ الشمس"؛ أي: ذاتَها وقرصَها؛ يعني: بَرَكَتْ مستقبلةً إليها، تَستمرِئ بذلك ما أَكلتْ.

"فثَلَطَتْ"؛ أي: رَاثَتْ وأَلقَتْ رجيعَها سهلاً رقيقًا.

"وبالَتْ"، فيزول عنها الحَبَط.

"ثم عادتْ فأكَلتْ"، كذلك مَن أَخرجَ ما في المال من الحقوق، وفيه: حثٌّ على ترك الإمساك للادخار، وهذا المالُ خيرٌ له ومعونةٌ في تحصيل الخير؛ يعني: الجنة.

"وإن هذا المالَ خَضرةٌ حلوةٌ"، إنما أنَّث على معنى تأنيث المشبَّه به؛

<<  <  ج: ص:  >  >>