مبعث نبينا عليه الصلاة والسلام، وبقوا على متابعته، ثم آمنوا بنبينا - صلى الله عليه وسلم -.
"وقال"؛ أي: الله تعالى: "إنما بعثتُك يا محمدُ لأبتليَك"؛ أي: لأمتحنَك بتبليغ الرسالة عني: هل تصرُّ على إيذاء قومك إياك؟
"وأبتليَ"؛ أي: ولأمتحنَ الخَلقَ بك في قَبول الرسالة عني منك، وابتلاؤه تعالى عائد إلى عباده لا إلى استعلامه.
"وأَنزلتُ عليك كتابا"؛ أي: القرآنَ.
"لا يغسله الماء"؛ أي: لا يفنى أبدًا، بل هو محفوظ في صدور الذين أُوتوا العلم؛ يعني: يسَّرت حفظَه عليك وعلى أمتك، فإذا كنتم تحفظونه فكيف يغسله الماء عن صدوركم؟ قال الله تعالى:{هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}[العنكبوت: ٤٩].
قيل: وكانت الكتب المُنزَلة لا تُجمَع حفظًا، بل يُعتمد في حفظها على الصُّحف، بخلاف القرآن.
"تقرؤه نائمًا ويقظانَ"؛ أي تجمعه حفظًا حالتَي النوم واليقظة، أو تقرؤه في نومك؛ وذلك لرسوخه في حافظته، أو تقرؤه في يسرٍ وسهولةٍ، يقال للرجل القادر على الشيء الماهر به: هو يفعله نائمًا، وقيل: أراد بـ (الغَسل): النسخ مجازًا، فالمراد بـ (الماء): الكتاب، كقوله تعالى:{أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}[فاطر: ٢٧] قيل: كتابا سماويًا، وقد يُستعمل الغَسل في الإدحاض والإبطال، وقيل: أراد به غزارةَ معناه وكثرةَ فوائده، من قولهم: مالٌ لا يفنيه الماء والنار.
"وإن الله أمرني أن أحرقَ قريشًا"؛ أي: أُهلكَ كفارَ قريش.