" حتَّى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده، وأراد أن يُخْرِج من النار مَنْ أراد أن يُخرجه، ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله، أمر الملائكة أن يُخْرِجُوا مَنْ كان يعبد الله، فيُخْرِجُونهم وَيعْرِفُونهم بآثار السُّجود، وحرَّمَ الله على النَّار أن تأكل أثر السُّجود، فكل ابن أدم تأكله النار إلا أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتَحَشُوا، فيصبُّ عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحِبَّة في حَمِيْلِ السَّيْل، ويبقى رجل بين الجنّة والنار، وهو آخر أهل النار دخولًا الجنة، مُقْبِلٌ بوجهه قِبَلَ النار، فيقول: يا ربِّ، اصرف وجهي عن النار فقد قَشَبني "؛ أي: آذَاني.
" إن فُعِلَ ذلك بك ": جملة شرطية يدل على جزائه ما تقدم؛ أي: إن صُرِف وجهك عن النار فهل عسيت " أن تسأل غير ذلك، فيقول: لا وعزَّتك فيعطي الله "؛ أي: الرجلُ ربَّه.
" ما شاء من عَهْدٍ وميثاق، فيصرف الله وجهَهُ عن النار، فإذا أقبل به "؛ أي: بوجهه.
" على الجنّة، ورأى بهجَتَها "؛ أي: حُسْنَها.
" سَكَتَ ما شاء الله أن يَسْكُتَ، ثم قال: يا ربِّ، قدِّمني عند باب الجنّة، فيقول الله تبارك وتعالى: أليس قد أعطيْتَ العهود والميثاق أن لا تسأل غير الَّذي كنت سألْتَ؟ فيقول: يا ربِّ، لا أكون أشقى خلقك، فيقول: فما عسيت إن أُعطيْتَ ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزَّتك لا أسألك غير ذلك، فيعطي ربَّه ما شاء الله من عهد وميثاق، فيقدِّمُهُ إلى باب الجنّة، فإذا بَلَغَ بابها، فرأى زهرتَها "، و (الزهرة): البياض، وزهرة الدنيا: نضارتها؛ أي: رأى طيب العيش في الجنّة.