كُلَّنا الجَنَّةَ، فقال عُمَرُ: إنَّ الله - عَزَّ وَجَلَّ - إنْ شاءَ أَنْ يُدخِلَ خَلْقَه الجَنَّةَ بكفٍّ واحِدٍ فَعَلَ، فقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " صَدَقَ عُمَرُ ".
" عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ الله - عَزَّ وَجَلَّ - وعدني أن يُدْخِلَ الجنّة من أمتي أربع مئة ألف بلا حساب، فقال أبو بكر: زدنا يا رسول الله! قال: وهكذا فحَثَا بكفَّيه وجمعهُما "، إنما ضرب المثل بالحثيان؛ لأن من شأن المعطي الكريم إذا اسْتُزِيْد أن يحثي بكفَّيه من غير حساب، فالحثيُ كِنَاية عن المبالغة في الكثرة وإلا فلا كَفَّ ثَمَّةَ ولا حَثْيٌ.
" فقال أبو بكر " مرة أخرى: " زدنا يا رسول الله! قال: وهكذا "، وهذا دليل على أن له - عَزَّ وَجَلَّ - مدخلًا ومجالًا في الأمور الأخروية.
" فقال عمر: دعنا يا أبا بكر، فقال أبو بكر: وما عليك "؟ أي: ما عليك بأس.
" أن يدخلنا الله كلنا الجنّة، فقال عمر: إنَّ الله - عَزَّ وَجَلَّ - إنْ شاء أن يُدْخِل خلقَهُ بكَفٍّ واحِدٍ "، أراد به: بعض عطائه وفضله؛ أي: لو أراد الله أن يدخل خلقه الجنّة ببعض رحمته لا بكلها.
" فعل " فإنها أوسع من ذلك.
" فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صَدَقَ عمر "، قيل: ما ذهب إليه أبو بكر هو من باب الجُؤار والمسكنة، وما ذهب إليه عمر هو من باب التَّسليم.
* * *
٤٣٤٦ - عن أَنَسٍ - رضي الله عنه -: قالَ: " يُصَفُّ أَهْلُ النَّارِ، فَيَمُرّ بهِم الرَّجَلُ من أَهْلِ الجَنَّةِ، فيقُولُ الرَّجُلُ منهم: يا فُلانُ! أما تَعرِفُني؟ أنا الَّذي سَقَيْتُكَ شَرْبةً، وقال بَعْضُهُمْ: أنا الَّذي وَهَبْتُ لكَ وَضُوءًا، فيشفَعُ لهُ فيُدْخِلُهُ الجنَّةَ ".