للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"إلى قوله: {فَاهْجُرْ} [المدثر: ٥] ثم حمي الوحي وتتابع"؛ أي: اشتد نزوله متتابعاً متواتراً.

* * *

٤٥٥٨ - عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ الله عَنْها: أنَّ الحَارِثَ بن هِشامٍ - رضي الله عنه - سَألَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَال: يا رَسُوْلَ الله! كيفَ يأتِيكَ الوَحْيُ؟ فقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحْياناً يأْتِيني مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ، وهوَ أَشَدُّهُ عَليَّ، فَيُفْصِمُ عنِّي وقدْ وَعَيْتُ عنهُ ما قَالَ، وأحْياناً يَتمثَّلُ لي المَلَكُ رجُلاً فيُكلِّمُني فأعِي ما يقولُ"، قالت عَائِشَةُ رَضيَ الله عَنْها: ولقدْ رأيتُهُ يَنزِلُ عليهِ الوَحْيُ في اليومِ الشَّديدِ البرْدِ، فيَفْصِمُ عَنهُ وإنَّ جَبينَهُ ليَتَفَصَّدُ عَرَقاً.

"عن عائشة - رضي الله عنها - أن الحارث بن هشام سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! كيف يأتيك الوحي؟ "، (كيف) سؤالٌ عن الحال.

"فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أحياناً" جمع (حين)، نصب على الظرفية.

"يأتيني مثل صلصلة الجرس"؛ أي: صوته إذا حرِّك، وهذه الصلصلةُ كانت من ضرب أجنحة الملك الذي كان يهبط إليه.

قال الخطابي: يريد -والله أعلم- أنه صوتٌ متدارِكٌ يسمعه ولا يثبته عند أول ما يقرع سمعه حتى يتفهم فيتلقَّفه ويعيه، ولذا قال:

"وهو أَشَدُّه"؛ أي: إتيانه إياي مثلَ صلصلة الجرس أشدُّ نوعي الوحي "عليَّ، فيَفْصِمُ عني"؛ أي: ينقطع الوحي عني "وقد وعيت عنه"؛ أي: حفظت "ما قال".

وإنما حقَّق الوحيَ في هذا النوع بحرف (قد)؛ لبعد الوحي في هذه الحال لصعوبته وعسره فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>