"وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي"؛ أي: فأحفظ "ما يقول" وإنما لم يقل فيه لفظة (قد)؛ لسهولته ويسره.
قيل: وقد يكون الوحي بالكلام، ولا يتأتى ذلك إلا بواسطة ملك يتمثَّل في صورة بشر كجبريل تمثَّل في صورة دحية الكلبي.
وقد يكون بالرمز والإشارة والكتابة كما قال الله تبارك:{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا}[مريم: ١١]، قيل: معناه: أشار، وقيل: كتب.
وقد يكون بالإلهام كقوله تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ}[القصص: ٧].
وقد يكون بالتسخير كقوله تعالى:{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}[النحل: ٦٨].
وقد يكون بالرؤيا، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:"انقطع الوحي وبقيت المبشِّرات"؛ أي: رؤيا المؤمن.
والثلاثة الأخيرة لا تختص بالأنبياء، بل قد تكون للأولياء أيضاً.
"قالت عائشة - رضي الله تعالى عنها -: ولقد رأيته ينزل عليه الوحيُ في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه"؛ أي: جبهته.
"ليتفصَّد"؛ أي: ليتصبَّب ويسيل.
"عرقاً" نصبٌ على التمييز.
* * *
٤٥٥٩ - عَنْ عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ: كانَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أُنزِلَ عَلَيهِ الوَحْيُ كُرِبَ لِذلِكَ وَتَرَبَّدَ وجْهُهُ.