للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المثال مصور بصورة اللبن بمناسبة أن اللبن أول غذاء البدن وسبب صلاحه، والعلم أول غذاء الروح وسبب لصلاحه، وفي الحديث دليل لمن قال بوجود الري في العلم.

* * *

٤٧٢٩ - عن أبي هُرَيرةَ - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "بَيْنا أنا نائمٌ رأيتُني على قَلِيبٍ عليها دلوٌ، فَنَزَعْتُ منها ما شاءَ الله، ثُمَّ أخذَها ابن أبي قُحافةَ فَنَزَعَ بها ذَنُوبًا أو ذَنُوبينِ، وفي نزعِه ضَعْفٌ والله يغفِرُ لهُ ضَعْفَه، ثُمَّ استَحالَتْ غَربًا، فأخذَها ابن الخَطّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقريًا مِن النّاسِ يَنزِعُ نزعَ عُمَرَ، حتى ضَرَبَ النّاسُ بعَطَنٍ".

"عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: بينا أنا نائم رأيتني على قَليب"، وهي البئر التي لم تُطْو، "عليها دَلو، فنزعت منها ما شاء الله، ثمَّ أخذها"؛ أي: الدلو "ابن أبي قحافة": - بضم القاف -، وهو أبو بكر، "فنزع بها ذنَوباً"، وهو بفتح الذال المعجمة: الدلو العظيمة الملأى ماءً، "أو ذنوبين"، شك من الراوي، أشار به - صلى الله عليه وسلم - إلى قصر مدة خلافته، وهي سنتان وأشهر.

"وفي نَزْعه ضعف": لم يُرِدْ به نسبةَ الضعف إليه لتقصيرٍ منه؛ لأنه تحمل من أعباء الخلافة - أي: مشقاتها - ما كانت الأمة تعجَز عن تحملها، ولذا قالت عائشة - رضي الله عنها -: لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتدَّت جُفاةُ العرب وكثر المنافقون، فنزل بأبي ما لو نزل بالجبال الراسيات لقضَّها؛ أي: كسرها، بل هو إشارة إلى أن الفتوح في أيامه أقل منها في أيام عمر.

"والله يغفِرُ له ضعفَه"، قيل: دعا - صلى الله عليه وسلم - له بالمغفرة ليتحقق السامعون أن الضعف الذي وُجد في نزعه هو من مقتضى تغيُّر الزمان وقلة الأعوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>