للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"عن بُريدة - رضي الله عنه - قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض مغازيه فلما انصرف جاءت جاريةٌ سوداءُ فقالت: يا رسول الله! إني كنت نذرت إنْ ردك الله صالحًا"؛ أي: سالمًا "أن أضرِبَ بين يديك بالدُّفِّ وأتغنى، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن كنت نذرتِ فاضربي، وإلا فلا"، فيه دليلٌ على أن الوفاء بالنذر الذي فيه قربة واجب، والسرور بمقدَمه - صلى الله عليه وسلم - قربة، خصوصًا من الغزو الذي فيه تَهلك الأنفس.

وعلى أن ضرب الدف مباح.

"فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليٌّ وهي تضرب، ثم دخل عثمانُ وهي تضرب، ثم دخل عمُر - رضي الله عنهم - فألقت الدفِّ تحت اسْتِها"؛ أي: تحت أَليتها "ثم قعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إنَّ الشيطانَ ليخاف مِنكَ يا عمر"، سمى - صلى الله عليه وسلم - ضاربةَ الدف بين يديه شيطانًا؛ لفعلها فعلَ الشيطان من زيادة الضرب على ما حصل به المقصود من السرور؛ لأنه قد حصل بأدنى الضرب، والزيادة عليه من جنس اللهو.

"إني كنت جالسًا وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلتَ أنت ألقت "الدف". "غريب".

قيل: إنما أمكنها من ضرب الدف؛ لأن نذرها دلَّ على أنها عَدَّت انصرافَه - صلى الله عليه وسلم - على حال السلامة نعمةٌ من نعم الله عليها، فانقلب الأمر فيه من صنعة اللهو إلى صنعة الحق، ومن المكروه إلى المستحب، وإنما ترك - صلى الله عليه وسلم - الأمر في الزيادة إلى حد المكروه؛ ليكون راجعًا إلى حد التحريم، وحدّ انتهائها عما كانت فيه بمجيء عمر - رضي الله عنه - * * *

<<  <  ج: ص:  >  >>