"عن عبد الرحمن بن خباب - رضي الله عنه - قال: شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يَحُثُّ"؛ أي: يحرِّض "على جيش العُسْرة"؛ وهو جيشُ غزوة تبوك، سمي به لأنها كانت في زمان اشتداد الحر وقلة الزَّاد والمَرْكب، قيل: كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الغزوة ثلاثون ألفًا، وهي آخر مغازيه - صلى الله عليه وسلم -، وفي يوم بدرٍ ثلاث مئة وثلاثة عشر مقاتلًا، وفي يوم أحد سبع مئةٍ، وفي يوم الحديبيَة ويوم خيبر ألفٌ وخمس مئة، وفي يوم الفتح عشرة آلافٍ، وفي يوم حنين اثنا عشر ألفًا.
"فقام عثمان فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -!
"عليَّ مئةُ بعيرٍ بأحلاسها" - جمع حلسٍ بكسر الحاء -: كساء رقيق يجعل تحت البَرْذَعة، "وأَقْتابها" - جمع قَتَب بالتحريك -: وهو رحل صغيرٌ على قدر سنام البعير، يريد: بجميع أسبابها وأدواتها.
"في سبيل الله، ثم حَضَّ على الجيش"؛ أي: حث الناس على الغزو وتهيئة أسباب الجيش.
"فقام عثمانٌ فقال: عليَّ مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حض على الجيش، فقام عثمانٌ فقال علي: ثلاث مئة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، فانا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل عن المنبر وهو يقول: ما على عثمان"، (ما) هذه بمعنى (ليس) فاسمه "ما عمل"، (ما) هذه موصولة، أي: لا عليه بأس الذي عمل "بعد هذه" من الذنوب، فإنها مغفورة مكفَّرة، ويجوز أن تكون مصدرية؛ أي: ما عليه أن لا يعمل بعد هذه من النوافل؛ لأن تلك الحسنة تكفيه عن جميعها.