"فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط": تكرار (القيراط) ليدل على أن الأجرة لكل واحد منهم قيراط.
"فعملت اليهودُ إلى نصف النهار على قيراط قيراط، ثم قال: مَن يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط، فعملتِ النَّصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط، ثم قال: مَنْ يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين، ألا" حرف تنبيه، "فأنتم الذين تعملون"؛ أي: مثل الذين يعملون "من صلاة العصر إلى مغرب الشمس، ألا لكم الأجر مرتين"؛ لأن هذه الأمة صدَّقوا نبيَّهم والأنبياءَ الماضين أيضًا.
"فغضبت اليهود والنصارى، فقالوا: نحن أكثر عملًا وأقلُّ عطاء"؛ يعني: قالوا: ربنا أعطيت لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ثوابًا كثيرًا مع قلة أعمالهم، وأعطيتنا ثوابًا قليلًا مع كثرة أعمالنا.
قيل: هذا تخييل وتصوير، لا أن ثمة مقاولةً حقيقة، اللهم إلا أن يحمل ذلك على حصولها عند إخراج الذَّراري من صُلْب آدم - عليه السلام - فيكون حقيقة.
"قال الله تبارك وتعالى: وهل ظلمتكم"؛ أي: نَقَصْتُكم "من حقكم شيئًا، قالوا: لا، فقال الله: فإنه" الضمير للشأن، أو العطاء الكثير المدلول عليه بالسياق، أو للأجر مرتين، أي: مثلي ما لليهود والنصارى.
"فضلي أعطيه مَن شئت"، وفيه دلالة على أن الثواب على الأعمال ليس من جهة الاستحقاق؛ لأن العبد لا يستحق على مولاه بخدمته أُجرةً، بل من جهة الفضل، ولله أن يتفضل على من يشاء بما يشاء.