"فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراءَ الإمام، قال: اقرَأْ بها"؛ أي: بأم القرآن "في نفسك"؛ أي: سرًّا غير جهر، وإليه ذهب الشَّافعي.
"فإني سمعتُ النبيَّ - عليه الصَّلاة والسلام - يقول: قال الله تعالى: قَسَمتُ الصلاةَ"؛ أي: الفاتحةَ؛ سُميت صلاةً لِمَا فيها من القراءة، وكونها جزءاً من أجزائها.
"بيني وبين عبدي نصفَين"، وحقيقة القِسمة هنا راجعة إلى المعنى، لا إلى مَتلوّ اللفظ؛ لأنَّ نصفَها ثناءٌ، وهو إلى:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، ونصفَها دعاء ومسألةٌ؛ وهو:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ولو كان من قسمة الحروف لَزادَ النصف الأخير زيادةً بينةً.
"ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال الله تعالى: حمدني عبدي".
"وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال الله تعالى: أثنَى عليَّ عبدي".
"وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال: مجَّدني عبدي"، التمجيد: نسبة إلى المجد، وهو الكَرَم، وقيل: العَظَمة.
"وإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} "؛ أي: نطلب العونَ على الأمور منك.
"قال: هذا بيني وبين عبدي"؛ لأنَّ قوله:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} له تعالى، و {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} للعبد، "ولعبدي ما سأل. وإذا قال:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} "؛ يعني به: كل فعل وقول ونية برضاء الله تعالى.
{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} من الأنبياء والأولياء.