"قال ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه -: كنتُ أَبيتُ مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فأتيتُه بوَضوئه وحاجته، فقال لي" في مقام الانبساط: "سَلْ"؛ يعني: اطلبْ مني حاجة.
"فقلت: أسألك مرافقتَك في الجنة، قال: أَو غير ذلك؟ " بسكون الواو: عطف على مقدَّر، وبرفع (غير)؛ أي: مسؤولك ذلك أو غيرُ ذلك؛ فإن ذلك درجةٌ عاليةٌ؟
وقيل: بفتحها، فالهمزة للاستفهام و (غير) نصب، فالمعنى: أثابتٌ أنتَ على طلبك أم تسأل غيرَ ذلك؟ وهذا الابتلاء والامتحان ليَنظرَ هل يثبتُ على ذلك المطلوب العظيم الذي لا يقابله شيء؛ فإن الثباتَ على طلب أعلى المقامات من أتم الكمالات.
"قلت: هو ذاك"، معناه على تقدير كون (أو) عاطفة: مسؤولي مرافقتك، وعلى تقدير الاستفهام: مسؤولي ذلك لا أتجاوز عنه.
"قال: فاعنِّي على نفسك"؛ أي: كُنْ عونًا لي في إصلاح نفسك لِمَا تطلب.
"بكثرة السجود"؛ أي: أَكثِرِ السجدةَ في الدنيا حتى ترافقَني في الجنة.
وفيه: إشارة إلى أن هذه المرتبةَ العليا لا تحصل بمجرد السجود، بل به مع دعائه - عليه الصلاة والسلام - له إياها من الله تعالى، وفي قوله:(على نفسك): إيذان بأن نيلَ المراتب العَلِيَّة إنما يكون بمخالفة النفس وكسر الشهوة.
٦٣٧ - وقال مَعْدَان بن أبي طَلْحة: لقيتُ ثوبانَ مَوْلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ: أخبرني بعملٍ يُدخلني الله به الجنةَ؟، فقال: سألتُ عن ذلكَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "عليكَ بكثرةِ السجودِ للهِ، فإنَّك لا تسجدُ للهِ سجدةً إلا