قلنا: هذا لا يدل على عدم السجدة فيها أصلاً؛ لاحتمال أنه - عليه الصلاة والسلام - لم يكن على الوضوء في ذلك الوقت، أو سجد في وقت وترك في آخر؛ إعلاماً بالسنة ودفعاً لتوهم الفرض، وأيضاً فالوجوب ليس على الفور.
٧٣٥ - وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: سجدة (ص) لَيْسَتْ مَنْ عَزائِمِ السُّجودِ، وقَدْ رَأَيْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ فيها.
"وقال ابن عباس: سجدة {ص} ليست من عَزَائم السجود": جمع عزيمة، وهي عَقْدُ القلب على إمضاء أمرٍ.
وفي الاصطلاح: الحكم الثابت بالأصالة كوجوب الصلاة وحرمة الزنا، واستعمالها في الفريضة أكثر منه في السنة.
ذهب الشافعي إلى أنه لا سجدة فيها، فمعناه عنده: أنه ليس من سنن سجدات التلاوة، بل هو من سجدة الشكر.
وعند أبي حنيفة: هي من جملة سجدات التلاوة، فيؤول عدم العزيمة هنا بعدم الفريضة، بل هي من الواجبات.
"وقد رأيت النبي - عليه الصلاة والسلام - يسجد فيها".
٧٣٦ - وفي روايةٍ: أَنَّهُ قَرَأَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، وقالَ: كانَ داوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبيُّكُمْ أَنْ يَقْتَديَ بهِ، فَسَجَدَها داودُ، فَسَجَدَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.
"وفي رواية: أنه" - صلى الله عليه وسلم - "قرأ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} "؛ أي: هداهم.