بِسَخَاوَةِ نفْسٍ بُورِكَ له فيه، ومَنْ أَخذَه بإشرافِ نفْسٍ لم يُبارَكْ له فيه، وكان كالذي يأكْلُ ولا يَشْبَعُ، واليدُ العُليا خيرٌ من اليَدِ السُّفْلى"، قالَ حكيم: فقلت: يا رسولَ الله!، والذي بعثَكَ بالحقِّ لا أَرْزَأُ أَحَداً بعدَك شيئاً حتى أُفارقَ الدُّنيا".
"وقال حكيم بن حزام: سألت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأعطاني، ثم سألت فأعطاني، ثم قال لي: يا حكيم! إن هذا المال خَضرٌ" بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين: وهو الطري الناعم.
"حُلو" بضم الحاء: هو ما يميل إليه الطبع السليم.
وقيل: الخضر يكون في العين طيباً، والحلو يكون في الفم طيبًا، ولا، حملَّ العينُ من النظر إلى الخضر، ولا يملُّ الفم من أكل الحلو، فكذلك النفس حريصة بجمع المال لا تمل منه.
"فمن أخذه بسخاوة نفس"؛ أي: نفس المعطي واختياره من غير حرص من السائل، بحيث لو لم يعطه لتركه، ولم يسأله، أو المراد: نفس السائل، بأن يكون ذلك كناية عن عدم الإلحاح، أو عن إنفاق الصدقة وعدم مسكها.
"بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس"؛ أي: بطمع النفس والتطلع إليه.
"لم يبارك له فيه، وكان"؛ أي: السائل الآخذ للصدقة في هذه الصورة.
"كالذي يأكل، ولا يشبع": وهذا مرض عظيم ومصيبة جسيمة، وقيل: تشبيه بالبهيمة التي ترعى.
"واليد العليا": وهي المعطية.
"خيرٌ من السفلى": وهي الآخذ السائلة، وقيل: السفلى المانعة.
"قال حكيم: فقلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق، لا أرْزَأُ أحداً"؛ أي: لا أنقص مال أحد بالسؤال والأخذ منه.