حَتَّى هَرَبَ مِنْهُ الْحَمِيمُ وَالْغَرِيبُ، وَكَانَ يُلْقَى عَلَيْهِ عِشْرُونَ غِلَالَةً فَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَهِيَ مِثْلُ الْجِيفَةِ فَيَرْمِي بِهَا فِي دِجْلَةَ، لَا يَنْتَفِعُ بِهَا فَتَقَطَّعُ مِنْ شِدَّةِ النَّتَنِ وَالْعَرَقِ، وَأمَّا نَجَاحٌ فَأَنَا بَنَيْتُ عَلَيْهِ بَيْتًا ذِرَاعًا فِي ذِرَاعَيْنِ حَتَّى مَاتَ فِيهِ، وَأَمَّا إِيتَاخُ، فَأَنَا كَتَبْتُ إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَقَدْ رَجَعَ مِنَ الْحَجِّ، فَكَبَّلَهُ بِالْحَدِيدِ وَغَرَّقَهُ.
وَأَمَّا الْوَاثِقُ فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ النِّسَاءَ وَكَثْرَةَ الْجِمَاعِ، فَوَجَّهَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى مِيخَائِيلَ الطَّبِيبُ، فَدَعَى لَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَشْرَبِهِ وَعَلَيْهِ قَطِيفَةُ خَزٍّ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: يَا مِيخَائِيلُ أَبْغِنِي دَوَاءً لِلْبَاهِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَدَنُكَ فَلَا تَهُدَّهُ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْجِمَاعِ تَهُدُّ الْبَدَنَ وَلَا سِيَّمَا إِذَا تَكَلَّفَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، فَاتَّقِ اللَّهَ فِي بَدَنِكَ فَإِنَّ لَهُ حَقٌّ عَلَيْكَ، فَلَيْسَ لَكَ مِنْ بَدَنِكَ عِوَضٌ، فَقَالَ لَهُ: لَابُدَّ مِنْهُ، ثِمَّ دَفَعَ الْقَطِيفَةَ عَنْهُ فَإِذَا وَصِيفَةٌ ضَمَّهَا إِلَيْهِ، ذَكَرَ مِنْ جَمَالِهَا وَهَيْئَتِهَا أَمْرًا عَجَبًا، فَقَالَ: مَنْ يَصْبِرُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ؟ قَالَ: فَإِنْ كَانَ لَابُدَّ فَعَلَيْكَ بِلَحْمِ السَّبْعِ فَأْمُرْ أَنْ يُؤْخَذَ لَكَ مِنْهُ رِطْلٌ فَيَغْلِي سَبْعَ غَلْيَاتٍ بِخَلٍّ خَمِرَةٍ، فَإِذَا جَلَسْتَ عَلَى شُرْبِكَ أَمَرْتَ فَوُزِنَ لَكَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَانْتَفَلْتَ عَلَى شَرَابِكَ فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَإِنَّكَ تَجِدُ فِيهِ بُغْيَتَكَ، وَاتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ وَلَا تُسْرِفْ فِيهَا وَلَا تُجَاوِزْ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ، فَلَهَى عَنْهُ أَيَّامًا، فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَالِسٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute