وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: قَالَ لِي السَّرِيُّ بْنُ مُعَاذٍ وَكَانَ أَحَدَ الْوُلَاةِ: لَوْ أَنِّي قَبِلْتَ لِأَعْطَيْتُ مِائَةَ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَبْلَ اللَّيْلِ فِيكَ، وَفِي ابْنِ مُسْلِمٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَحْبِسَكُمْ وَلَا أَضُرُّ بِكُمْ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ أَمْنَعَكُمْ مِنَ التَّحْدِيثِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُنْتُ فِيمَا مَضَى وَأَنَا صَحِيحٌ رُبَّمَا أَخَذَتْنِي الْحُمَّى، فَأَضْعُفُ وَأَجِدُ لِذَلِكَ أَلَمًا، وَأَنَا الْيَوْمَ رُبَّمَا حُمِمْتُ فَلَا أَجِدُ لَهُ أَلَمًا أَظُنُّ فِي نَفْسِي كَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ.
وَقَالَ: إِنِّي لَأَلْبَسُ الثِّيَابَ لِكَيْ إِذَا نَظَرَ النَّاسُ إِلَيَّ لَا يَقُولُونَ تَرَكَ أَبُو زُرْعَةَ الدُّنْيَا وَلَبِسَ الثِّيَابَ الدُّونَ، وَإِنِّي لَآكُلُ مَا يُقَدَّمُ إِلَيَّ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَالْحَلْوَى لِكَيْ لَا يَقُولُ النَّاسُ: إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ لَا يَأْكُلُ الطَّيِّبَاتِ لِزُهْدِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْلَمَ مِنْ لِبْسِ الثِّيَابِ يَلْبَسُهُ لِسَتْرِ عَوْرَتِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا نَوَى هَذَا وَلَمْ يَنْوِ غَيْرَهُ سَلِمَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّيْثُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: بِالرَّيِّ شَابٌّ يُقَالُ لَهُ: أَبُو زُرْعَةَ، فَغَضِبَ أَحْمَدُ، وَقَالَ: تَقُولُ شَابٌّ كَالْمُنْكَرِ عَلَيْهِ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ يَدْعُو اللَّهَ لِأَبِي زُرْعَةَ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ انْصُرْهُ عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنْهُ الْبَلَاءَ اللَّهُمَّ، اللَّهُمَّ فِي دُعَاءٍ كَثِيرٍ، قَالَ الْحَسَنُ: فَلَمَّا قدِمْتُ حَكَيْتُ ذَلِكَ لِأَبِي زُرْعَةَ وَحَمَلْتُ إِلَيِهِ دُعَاءَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَكُنْتُ كَتَبْتُهُ فَكَتَبَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَقَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: مَا وَقَعْتُ فِي بَلِيَّةِ فَذَكَرْتُ دُعَاءَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِلَا ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ يُفَرَّجُ عَلَيَّ بِدُعَائِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute