الْبَغْدَادِيَّ، بِمَكَّةَ يَقُولُ: كَانَ مِنْ مِنَةِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ وُلِدَ بَيْنَ قَمَاطِرِ الْعِلْمِ وَالرِّوَايَاتِ، وَتَرَبَّى بِالْمُذَكِّرَاتِ بَيْنَ أَبِيهِ وَأَبِي زُرْعَةَ، فَكَانَا يَزُقَّانَهُ كَمَا يُزَقُّ الْفَرْخُ الصَّغِيرُ، وَيعْنَيَانَ بِهِ فَاجْتَمَعَ لَهُ مَعَ جَوْهَرِ نَفْسِهِ كَثْرَةُ عِنَايَتِهِمَا، ثُمَّ تَمَّتِ النِّعْمَةُ بِرِحْلَتِهِ مَعَ أَبِيهِ، فَأَدْرَكَ الْإِسْنَادَ وَثِقَاتَ الشُّيُوخِ بِالْحِجَازِ، وَالْعِرَاقِ، وَالشَّامِ، وَالثُّغُورِ، وَسَمَعَ بِأَنْبِجَانَةَ، حَتَّى عَرِفَ الصَّحِيحَ مِنَ السَّقِيمِ وَتَرَعْرَعَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ كَانَتْ رِحْلَتُهُ الثَّانِيَةُ بِنَفْسِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِ مَعْرِفَتِهِ، يُعْرَفُ لَهُ ذَلِكَ وَيُقَدَّمُ لِحُسْنِ فِهْمِهِ وَدِيَانَتِهِ وَقَدِيمِ سَلَفِهِ.
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الدَّرَسْتِينِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: سَاعَدَنِي الدَّوْلَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى أَخْرَجَنِي أَبِي سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَمَا احْتَلَمْتُ بَعْدُ، فَلَمَّا أَنْ بَلَغْنَا اللَّيْلَةَ الَّتِي خَرَجْنَا فِيهَا مِنَ الْمَدِينَةِ نُرِيدُ ذَا الْحَلِيفَةِ، احْتَلَمْتُ فَحَكَيْتُ ذَلِكَ لِأَبِي فَسُرَّ بِذَلِكَ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ أَدْرَكْتُ حُجَّةَ الْإِسْلَامِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَمِعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنِ ابْنِ الْمُقْرِئِ حَدِيثَهُ عَنْ سُفْيَانَ، وَمِنْ مَشَايخِ مَكَّةَ وَالْوَارِدِينَ إِلَيْهَا، وَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمَاتَ ابْنُ الْمُقْرِئِ مِنْ قَابِلِ سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَسَمِعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي انْصِرَافِهِ مِنَ الْحَجِّ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ مِنِ ابْنِ سَعِيدٍ الْأَشَجِّ وَمَشَايخِ الْكُوفِيِّينَ مَعَ أَبِيهِ، وَمَشَايِخِ الْوَاسِطِيِّينَ، أَحْمَدَ بْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute