للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْفَى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، فَقَالَ: هَذَا بِالْمَدِينَةِ وَأَنَا لَا أَعْرِفُهُ فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَقَنَّعَ وَانْصَرَفَ، فَاتَّبَعَهُ وَلَمْ يَجْلِسْ لِلْقَاصِّ حَتَّى أَتَى دَارَ أَنَسٍ فَدَخَلَ مَوْضِعًا وَأَخْرَجَ مِفْتَاحًا فَفَتَحَ ثُمَّ دَخَلَ، قَالَ: وَرَجَعْتُ فَلَمَّا سَبَّحْتُ أَتَيْتُهُ فَإِذَا أَنَا أَسْمَعُ نَجْرًا فِي بَيْتِهِ فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قُلْتُ: أَدْخُلُ؟ فَقَالَ: ادْخُلْ فَإِذَا هُوَ يَنْجُرُ أَقْدَاحًا يَعْمَلُهَا، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟ فَأَعْظَمَهَا مِنِّي فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ، قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ إِقْسَامَكَ الْبَارِحَةَ عَلَى اللَّهِ يَا أَخِي، هَلْ لَكَ فِي نَفَقَةٍ تُغْنِيكَ عَنْ هَذَا وَتُفْرِغَكَ لِمَا تُرِيدُ مِنَ الْآخِرَةِ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنْ غَيْرَ ذَلِكَ لَا تَذْكُرُنِي لِأَحَدٍ، وَلَا تَذْكُرُ هَذَا لِأَحَدٍ حَتَّى أَمُوتَ وَلَا تَأْتِنِي يَا ابْنَ الْمُنْكَدِرِ فَإِنَّكَ إِنْ تَأْتِنِي شَهَرْتَنِي لِلنَّاسِ، فَقُلْتُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاكَ، قَالَ: الْقِنِي فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ فَارِسِيًّا، قَالَ: فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ حَتَّى مَاتَ الرَّجُلُ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: بَلَغَنِي أَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَلَمْ يُرَ وَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ ذَهَبَ فَقَالَ أَهْلُ الدَّارِ: اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، أَخْرَجَ عَنَّا الرَّجُلَ الصَّالِحِ.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي مِنْ قَرْيَةٍ نُرِيدُ قَرْيَةً فَضَلَلْنَا الطَّرِيقَ فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ قَائِمٍ يُصَلِّي، فَدَنَوْنَا مِنْهُ فَإِذَا حَوْضٌ يَابِسٌ وَقُرْبَةٌ يَابِسَةٌ، وَقَدِ انْتَظَرْنَاهُ لَيَنْفَتِلَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلَمْ يَنْفَتِلْ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبِي، فَقَالَ: يَا هَذَا قَدْ ضَلَلْنَا الطَّرِيقَ وَأَوْمَأَ بَيِدِهِ نَحْوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>