قَالَ سُلَيْمَانُ: فَأَيْنَ رَحْمَةُ اللَّهِ قَالَ أَبُو حَازِمٍ: {قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: ٥٦] .
قَالَ سُلَيْمَانُ: لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ الْعَرْضُ عَلَى اللَّهِ غَدًا؟ قَالَ: أَمَّا الْمُحْسِنُ فَكَالْغَائِبِ يُقَدَّمُ عَلَى أَهْلِهِ، وَأَمَّا الْمُسِيءُ فَكَالْآبِقِ يُقَدَّمُ بِهِ عَلَى مَوْلَاهُ، فَبَكَى سُلَيْمَانُ حَتَّى عَلَا نَحِيبُهُ وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ , فَقَالَ: يَا أَبَا حَازِمٍ كَيْفَ لَنَا أَنْ نَصْلُحَ؟ قَالَ: تَدَعُونَ عَنْكُمُ الصَّلَفَ وَتَقْتَسِمُونَ بِالسَّوِيَّةِ، وَتَعْدِلُونَ بِالْقَضِيَّةِ، قَالَ: كَيْفَ الْمَأْخَذُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: تَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ وَتَدَعُهُ بِحَقِّهِ فِي أَهْلِهِ، قَالَ: يَا أَبَا حَازِمٍ فَمَا أَعْدَلُ الْعَدْلِ؟ قَالَ: كَلِمَةُ صِدْقٍ عِنْدَ مَنْ تَرْجُو أَوْ تَخَافُهُ، قَالَ: فَمَا أَسْرَعُ الدُّعَاءِ إِجَابَةً؟ قَالَ: دُعَاءُ الْمُحْسِنِ إِلَيْهِ لِلْمُحْسِنِ قَالَ: فَمَا أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ؟ قَالَ: جَهْدُ الْمُقِلِّ فِي الْبَائِسِ الْفَقِيرِ لَا يُتْبِعُهَا مَنًّا وَلَا أَذًى.
قَالَ: يَا أَبَا حَازِمٍ مَنْ أَكْيَسُ النَّاسِ؟ قَالَ: رَجُلٌ ظَفِرَ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَعَمِلَ بِهَا ثُمَّ دَلَّ النَّاسَ عَلَيْهَا، قَالَ: فَمَنْ أَحَقُّ النَّاسِ؟ قَالَ: رَجُلٌ اغْتَاطَ فِي هَوَى أَخِيهِ وَهُوَ ظَالِمٌ فَبَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ.
قَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تَصْحَبَنَا فَتُصِيبَ مِنَّا وَنُصِيبَ مِنْكَ.
قَالَ: كَلَّا.
قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَرْكَنَ إِلَيْكُمْ شَيْئًا قَلِيلًا فَيُذِيقَنِيَ اللَّهُ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ، قَالَ: ثُمَّ لَا يَكُونُ لِي مِنْكَ نَصِيرٌ.
قَالَ: يَا أَبَا حَازِمٍ ارْفَعْ إِلَيَّ حَاجَتَكَ، قَالَ: نَعَمْ تُدْخِلْنِي الْجَنَّةَ وَتُخْرِجْنِي مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيَّ.
قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute