فَمَا لِي حَاجَةٌ سِوَاهَا، قَالَ: يَا أَبَا حَازِمٍ ادْعُ اللَّهَ لِي.
قَالَ: نَعَمْ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ سُلَيْمَانُ مِنْ أَوْلِيَائِكَ فَيَسِّرْهُ لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَعْدَائِكَ فَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، قَالَ سُلَيْمَانُ: قَطُّ.
قَالَ أَبُو حَازِمٍ: قَدْ أَكْثَرْتُ وَأَطْنَبْتُ إِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، فَمَا حَاجَتُكَ أَنْ تَرْمِيَ عَنْ قَوْسٍ لَيْسَ لَهَا وَتَرٌ، قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ؟ قَالَ: أَوْ تُعْفِيَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: بَلْ نَصِيحَةٌ تُلْقِيهَا إِلَيَّ.
قَالَ: إِنَّ آبَاءَكَ غَصَبُوا النَّاسَ هَذَا الْأَمْرَ فَأَخَذُوهُ عُنْوَةً بِالسَّيْفِ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ وَلَا اجْتِمَاعٍ مِنَ النَّاسِ، وَقَدِ قَتَلُوا فِيهِ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً وَارْتَحَلُوا، فَلَوْ شَعَرْتَ مَا قَالُوا وَقِيلَ لَهُمْ.
قَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: كَذَبْتَ , إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخَذَ عَلَى الْعُلَمَاءِ الْمِيثَاقَ: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: ١٨٧] .
قَالَ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَازِمٍ أَوْصِنِي.
قَالَ: نَعَمْ، سَوْفَ أُوصِيكَ فَأُوجِزُ، «نَزِّهِ اللَّهَ وَعَظِّمْهُ أَنْ يَرَاكَ حَيْثُ نَهَاكَ أَوْ يَفْقِدَكَ حَيْثُ أَمَرَكَ» ثُمَّ قَامَ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: يَا أَبَا حَازِمٍ هَذِهِ مِائَةُ دِينَارٍ أَنْفِقْهَا وَلَكَ عِنْدِي أَمْثَالُهَا كَثِيرٌ، فَرَمَى بِهَا وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرْضَاهَا لَكَ فَكَيْفَ أَرْضَاهَا لِنَفْسِي.
إِنِّي أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُكَ إِيَّايَ هَزْلًا وَرَدِّي عَلَيْكَ بَذْلًا، إِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ قَالَ: {رَبِّ إِنِّي لِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute