للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: ٢٤] .

سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يَسْأَلِ النَّاسَ فَفَطِنَتِ الْجَارِيَتَانِ وَلَمْ يَفْطِنَ الرِّعَاءُ، لِمَا فَطِنَتَا لَهُ فَأَتَتَا أَبَاهُمَا شُعَيْبًا فَأَخْبَرَتَاهُ خَبَرَهُ فَقَالَ شُعَيْبُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا جَائِعًا، ثُمَّ قَالَ: لِإِحْدَاهُمَا اذْهَبِي ادْعِيهِ لِي، فَلَمَّا أَتَتْهُ أَعْظَمَتْهُ وَغَطَّتْ وَجْهَهَا , ثُمَّ: {قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ} [القصص: ٢٥] .

فَلَمَّا قَالَتْ: {لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ} [القصص: ٢٥] .

كَرِهَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ، وَأَرَادَ أَنْ لَا يَتْبَعَهَا فَلَمْ يَجِدْ بُدًّا أَنْ يَتْبَعَهَا لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَرْضِ مَسْبَعَةٍ وَخَوْفٍ، فَخَرَجَ مَعَهَا فَكَانَتِ الرِّيَاحُ تَضْرِبُ ثَوْبَهَا فَتَصِفُ لِمُوسَى عَجُزَهَا، فَيَغُضُّ مَرَّةً وَيُعْرِضُ أُخْرَى فَقَالَ: يَا أَمَةَ اللَّهِ كُونِي خَلْفِي، فَدَخَلَ إِلَى شُعَيْبٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَالْعَشَاءُ مُهَيَّأٌ فَقَالَ: كُلْ , فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا , قَالَ شُعَيْبٌ: أَلَسْتَ جَائِعًا؟ قَالَ: بَلَى.

وَلَكِنِّي مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ لَا يَبِيعُ شَيْئًا مِنْ عَمَلِ الْآخِرَةِ بِمِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ أَجْرَ مَا سَقَيْتُ لَهُمَا.

قَالَ شُعَيْبٌ: لَا يَا شَابُّ وَلَكِنْ هَذِهِ عَادَتِي وَعَادَةُ آبَائِي، قِرَاءُ الضَّيْفِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، قَالَ: فَجَلَسَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَكَلَ.

فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمِائَةُ دِينَارٍ عِوَضًا مِمَّا قَدْ حَدَّثْتُكَ، فَالْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ فِي حَالِ الاضْطِرَارِ أَحَلُّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَلِي فِيهَا شُرَكَاءُ وَنُظَرَاءُ إِنْ وَازَيْتَهُمْ بِي وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَزَالُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>