وَرَائِحًا إِلَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ وَانْقَضَى أَجَلُهُ، حَتَّى تَغَيِّبُوهُ فِي صَدْعٍ مِنَ الْأَرْضِ فِي بَطْنِ صَدْعٍ، ثُمَّ تَدْعُوهُ غَيْرَ مُمَهَّدٍ وَلَا مُوَسَّدٍ قَدْ خَلَعَ الْأَسْبَابَ، وَفَارَقَ الْأَحْبَابَ، وَسَكَنَ التُّرَابَ، وَوَاجَهَ الْحِسَابَ مُرْتَهَنٌ بِعَمَلِهِ، فَقِيرٌ إِلَى مَا قَدِمَ، وَغَنِيٌّ عَمَّا تَرَكَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ، وَايَمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَقُولُ لَكُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَمَا أَعْلَمُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنَ الذُّنُوبِ مَا أَعْلَمُ عِنْدِي، وَمَا يَبْلُغُنِي عَنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ حَاجَةً إِلَّا أَحْبَبْتُ أَنْ أَسُدَّ مِنْ حَاجَتِهِ مَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَبْلُغُنِي أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَا يَسَعُهُ مَا عِنْدِي إِلَّا وَجَدْتُ أَنْ يُمَكِّنَنِي تَغْيِيرُهُ حَتَّى يَسْتَوِي عَيْشُنَا وَعَيْشُهُ، وَايَمُ اللَّهِ لَوْ أَرَدْتُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْغَضَارَةِ وَالْعَيْشِ لَكَانَ اللِّسَانُ بِهِ ذَلُولًا عَالِمًا بِأَسْبَابِهِ، وَلَكِنْ سَبَقَ مِنَ اللَّهِ كِتَابٌ نَاطِقٌ، وَسُنَّةٌ عَادِلَةٌ دَلَّ فِيهَا عَلَى طَاعَتِهِ، وَنَهَى فِيهَا عَنْ مَعْصِيَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ طَرَفَ رِدَائِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَبَكَى وَشَقَّ وَبَكَى النَّاسُ فَكَانَتْ آخِرَ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا.
فصل رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , قَالَ: لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ خَلَفٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَيْسَ مِنْ تَقْوَى اللَّهِ خَلَفٌ، وَاعْمَلُوا لِآخِرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ مَنْ عَمِلَ لِآخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ، وَأَصْلِحُوا سَرَائِرَكُمْ يُصْلِحِ اللَّهُ عَلَانِيَتَكُمْ، وَأَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ، وَأَحْسِنُوا الاسْتِعْدَادَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute