يَدَعْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وِرْدَهُ، وَكَانَ يَقْرَأُ رُبْعَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فِي الْمُصْحَفِ، وَيَقُومُ بِهِ لَيْلَهُ، وَيَتَمَثَّلُ بِأَبْيَاتِ مَعْنِ بْنِ أَوْسٍ:
لَعَمْرِي مَا أَهْوَيْتُ كَفِّي لِرِيبَةٍ ... وَلَا حَمَلَتْنِي نَحْوَ فَاحِشَةٍ رِجْلِي
وَلَا قَادَنِي سَمْعِي وَلَا بَصَرِي لَهَا ... وَلَا دَلَّنِي رَأْيِي عَلَيْهَا وَلَا عَقْلِي
وَأَعْلَمُ أَنِّي لَمْ تُصِبْنِي مُصِيبَةٌ ... مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا قَدْ أَصَابَتْ فَتًى قَبْلِي
ثُمَّ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي أَطْرَافٌ أَرْبَعَةٌ، أَخَذْتَ مِنْهَا وَاحِدًا وَبَقَّيْتَ ثَلَاثًا فَلَكَ الْحَمْدُ، وَكَانَ لِي بَنُونَ أَرْبَعَةً فَأَخَذْتَ مِنْهَا وَاحِدًا وَبَقَّيْتَ ثَلَاثَةً فَلَكَ الْحَمْدُ، وَايَمُ اللَّهِ لَئِنْ أَخَذْتَ لَقَدْ أَبْقَيْتَ، وَلَئِنِ ابْتَلَيْتَ لَطَالَمَا عَافَيْتَ.
وَفِي رِوَايَةٍ: مَا أَحْسَنَ مَا صَنَعَ اللَّهُ إِلَيَّ، وَهَبَ لِي سَبْعَةَ بَنِينَ فَمَتَّعَنِي بِهِمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَخَذَ وَاحِدًا وَأَبْقَى سِتَّةً، وَأَخَذَ عُضْوًا وَأَبْقَى لِي خَمْسًا، يَدَيْنِ وَرِجْلا وَسَمْعًا وَبَصَرًا.
وَعَنْ هِشَامٍ , قَالَ: لَمَّا اتَّخَذَ أَبِي قَصْرًا بِالْعَتِيقِ قَالَ لَهُ النَّاسُ: جَفَوْتَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ مَسَاجِدَهُمْ لَاهِيَةً، وَأَسْوَاقَهُمْ لَاغِيَةً، وَالْفَاحِشَةَ فِي فِجَاجِهِمْ عَالِيَةً، فَكَانَ فِيمَا هُنَالِكَ عَمَّا هُمْ فِيهِ عَافِيَةً.
وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: رَأَيْتُ عُرْوَةَ إِذَا كَانَ أَيَّامَ الرَّطْبِ يُثَلِّمُ حَائِطَهُ ثُمَّ