للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنِصْفُ سَنَةٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ.

وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مَا يَكْرَهُ فِي مَنَامِهِ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْت فِي مَنَامِي أَنْ يَضُرَّنِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ» كَذَا صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَفِي رِوَايَةٍ: «فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ» .

(وَمَنْ تَثَاءَبَ) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ إذَا فَتَحَ فَاهُ (فَلْيَضَعْ يَدَهُ) الْيُمْنَى ظَاهِرَهَا أَوْ بَاطِنَهَا (عَلَى فِيهِ) أَوْ ظَاهِرَ الْيُسْرَى اسْتِحْبَابًا عَلَى فِيهِ، فَإِذَا زَالَ عَنْهُ التَّثَاؤُبُ نَفَثَ ثَلَاثًا إنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ (وَمَنْ عَطَسَ) خَارِجَ الصَّلَاةِ (فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ) اسْتِحْبَابًا وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ حَمِدَ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى هَذَا، وَقِيلَ: يَزِيدُ: رَبَّ الْعَالَمِينَ عَلَى كُلِّ حَالٍ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ (وَعَلَى مَنْ سَمِعَهُ) أَوْ سَمِعَ مَنْ سَمِعَهُ (يَحْمَدُ اللَّهَ أَنْ يَقُولَ لَهُ:

ــ

[حاشية العدوي]

الرُّؤْيَا نَوْعٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ نَوْعًا مِنْ نُزُولِ الْوَحْيِ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْتِي عَلَى ضُرُوبٍ [قَوْلُهُ: وَنِصْفُ سَنَةٍ] قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: هَذَا بَعِيدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي بَعْدَ الْبَعْثَةِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَبْقَى سَبْعِينَ جُزْءًا لَا مَعْنَى لَهُ.

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا وَإِنْ كَانَ وَجْهًا يَحْتَمِلُهُ قِسْمَةُ الْحِسَابِ وَالْعَدَدِ، فَأَوَّلُ مَا يَجِبُ عَلَى قَائِلِهِ أَنْ يُثْبِتَ مَا ادَّعَاهُ جُزْءًا وَلَمْ نَسْمَعْ فِيهِ أَثَرًا وَلَا ذَكَرَ مُدَّعِيهِ خَبَرًا فَكَأَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الظَّنِّ، وَالظَّنُّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا، وَلَيْسَ كُلُّ مَا خَفِيَ عَلَيْنَا عِلْمُهُ يَلْزَمُنَا حُجَّتُهُ كَأَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ وَأَيَّامِ الصِّيَامِ فَإِنَّا لَا نَصِلُ مِنْ عِلْمِهَا إلَى أَمْرٍ يُوجِبُ حَصْرَهَا تَحْتَ أَعْدَادِهَا.

[قَوْلُهُ: فَلْيَتْفُلْ] بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَضَرَبَ، اُخْتُلِفَ فِي التَّفْلِ وَالنَّفْثِ فَقِيلَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَلَا يَكُونَانِ إلَّا بِرِيقٍ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ فِي التَّفْلِ رِيقٌ يَسِيرٌ وَلَا يَكُونُ فِي النَّفْثِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ هُنَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ طَرْدُ الشَّيْطَانِ وَإِظْهَارُ احْتِقَارِهِ وَاسْتِقْذَارِهِ، فَالْمَعْنَى فَلْيَتْفُلْ طَرْدًا لِلشَّيْطَانِ الَّذِي حَضَرَ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةَ تَحْقِيرًا لَهُ وَاسْتِقْذَارًا.

[قَوْلُهُ: عَنْ يَسَارِهِ] لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْأَقْذَارِ، وَقِيلَ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَلَا تَنَافِي.

[قَوْلُهُ: ثَلَاثًا] أَيْ لِلتَّأْكِيدِ.

[قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ فَلْيَسْتَعِذْ. . . إلَخْ] ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَدِيثَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مَا يَكْرَهُ فِي مَنَامِهِ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ» . . . إلَخْ فَعَلَيْهِ لَيْسَ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ ذِكْرُ التَّفَلِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ رِوَايَاتٍ ثَلَاثًا وَكَذَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا تِلْكَ الرِّوَايَةَ، نَعَمْ الرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ فِيهَا مُوَافَقَةٌ لِتِلْكَ الرِّوَايَةِ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ وَنَصِّهَا وَفِي رِوَايَةٍ: «وَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ» ، فَلَعَلَّ الشَّارِحَ تَصَرَّفَ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَوَقَعَ الْخَلَلُ.

[قَوْلُهُ: وَلْيَتَحَوَّلْ] حِكْمَةُ التَّحَوُّلِ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ التَّفَاؤُلُ بِأَنَّ اللَّهَ يُبَدِّلُ الْمَكْرُوهَ بِالْحَسَنِ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَعُودَ لِمَنَامِهِ بَعْدَ اسْتِيقَاظِهِ لِأَنَّهُ إنْ عَادَ يَعُودُ لَهُ الشَّيْطَانُ.

تَنْبِيهٌ:

الِاحْتِيَاطُ لِمَنْ رَأَى مَا يُحِبُّ كَتْمُ مَا رَآهُ إلَّا عَنْ حَبِيبٍ عَالِمٍ بِتَأْوِيلِ الرُّؤْيَا بِخِلَافِ مَنْ رَأَى الْمَكْرُوهَ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ بَعْدَ قِيَامِهِ الصَّلَاةُ وَالسُّكُوتُ عَنْ التَّحْدِيثِ بِمَا يَرَاهُ كَمَا فِي مُسْلِمٍ.

[قَوْلُهُ: بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ] وَلَا يُقَالُ تَثَاوُبٌ بِالْوَاوِ كَذَا فِي كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ.

[قَوْلُهُ: إذَا فَتَحَ فَاهُ. . . إلَخْ] أَيْ لِدَفْعِ الْبُخَارَاتِ الْمُحْتَقِنَةِ فِي عَضَلَاتِ الْفَكِّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ امْتِلَاءِ الْمَعِدَةِ وَمِنْ الشَّيْطَانِ، [قَوْلُهُ: أَوْ ظَاهِرُ الْيُسْرَى] وَلَا يَضَعُ بَاطِنَ الْيُسْرَى لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِمُبَاشَرَةِ الْأَقْذَارِ عَلَى أَنَّ الْيَدَ لَيْسَتْ شَرْطًا كَمَا قَالَ تت بَلْ الْمَقْصُودُ سَدُّ الْفَمِ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ فِيهِ.

[قَوْلُهُ: نَفَثَ ثَلَاثًا] تَقَدَّمَ تَعْرِيفُ النَّفْثِ [قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ] وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ فَيَشْرَعُ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ نَفْثٍ كَمَا أَنَّهُ لَا يَنْفُثُ فِي حَالِ التَّثَاؤُبِ، وَلَمَّا كَانَ مِنْ الشَّيْطَانِ لَمْ يَتَثَاءَبْ نَبِيٌّ [قَوْلُهُ: وَمَنْ عَطَسَ] بِفَتَحَاتٍ فِي الْمَاضِي وَبِفَتْحِ أَوْ ضَمِّ الْعَيْنِ فِي الْمُضَارِعِ.

[قَوْلُهُ: فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ اسْتِحْبَابًا] أَيْ مُسْمِعًا لِمَنْ يَقْرُبُ مِنْهُ كَيْ يُشَمِّتَهُ.

[قَوْلُهُ: حَمِدَ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ] أَيْ فِي قَلْبِهِ، وَعَنْ سَحْنُونَ وَلَا فِي نَفْسِهِ كَذَا ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ فِي التَّحْقِيقِ أَيْ لِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ أَهَمُّ بِالِاشْتِغَالِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ.

[قَوْلُهُ: رَبِّ الْعَالَمِينَ] أَيْ مَالِكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>