للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الِاسْمَ هُوَ الَّذِي يُوصَفُ بِالْخُرُوجِ لَا الْفِعْلَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ نَذْكُرُهُ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّمَا أَعَادَ يَخْرُجُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (مَعَ غَسْلِ الذَّكَرِ كُلِّهِ مِنْهُ) دَلِيلُهُ مَا فِي الْمُوَطَّإِ وَالصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَرَ الْمِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الرَّجُلِ إذَا دَنَا مِنْ أَهْلِهِ فَخَرَجَ مِنْهُ الْمَذْيُ مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ الْمِقْدَادُ: فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» . " وَلَفْظُ الْفَرْجِ فِي الْحَدِيثِ ظَاهِرٌ فِي جُمْلَةِ الذَّكَرِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّضْحِ فِيهِ الْغَسْلُ وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ مُصَرَّحًا بِهِ: «يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ» ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ الْمَاءَ مُتَعَيِّنٌ وَلَا يُجْزِي فِيهِ الْحِجَارَةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَ غَسْلَهُ كُلِّهِ قَوْلَانِ، وَفِي افْتِقَارِ الْغَسْلِ الْمَذْكُورِ إلَى نِيَّةٍ قَوْلَانِ، اسْتَظْهَرَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ الِافْتِقَارَ لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ، وَعَلَيْهِ إذَا غَسَلَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمِيمِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ، ثُمَّ بِكَسْرِ الذَّالِ وَشَدِّ الْيَاءِ ثُمَّ الْكَسْرِ مَعَ التَّخْفِيفِ [قَوْلُهُ: بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَذْيُ بِالْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرَهُ بِهِ يَنْقُضُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الَّذِي خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ فَهُوَ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ [قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَعَادَ يَخْرُجُ] وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَإِنَّمَا أَعَادَ لِمَا يَخْرُجُ إلَخْ [قَوْلُهُ: لِيُرَتِّبَ] فِيهِ شَيْءٌ إذْ لَوْ قَالَ أَوْ مَذْيٍ مَعَ غَسْلِ الذَّكَرِ كُلِّهِ مِنْهُ لَاسْتَقَامَ [قَوْلُهُ: مَعَ غَسْلِ الذَّكَرِ إلَخْ] قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ بَعْضِهِمْ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غَسْلُ الذَّكَرِ مُقَارِنًا لِلْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَعَبُّدًا أَشْبَهَ بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ اهـ.

[قَوْلُهُ: إنَّ عَلِيًّا إلَخْ] لَمْ يُبَاشِرْ السُّؤَالَ بِنَفْسِهِ اسْتِحْيَاءً لِكَوْنِهِ مُتَزَوِّجًا بِابْنَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ شَارِحُ الْحَدِيثِ [قَوْلُهُ: إذَا دَنَا إلَخْ] أَيْ قَرُبَ بِمُلَاعَبَةٍ أَوْ لَمْسٍ، وَقَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِهِ أَيْ حَلِيلَتِهِ كَمَا قَالَهُ شَارِحُ الْحَدِيثِ [قَوْلُهُ: «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ» ] الْمُشَارُ إلَيْهِ عَائِدٌ عَلَى الْمَذْيِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ نَضْحَ الْفَرْجِ يَتَرَتَّبُ عَلَى وِجْدَانِ الْمَذْيِ مُطْلَقًا حَصَلَ قُرْبٌ أَمْ لَا، لَكِنْ بِقَيْدِهِ الْمَعْلُومِ كَمَا يَتَبَيَّنُ. [قَوْلُهُ: فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ] مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمِنْ بَابِ نَفَعَ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ فَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِكَسْرِ الضَّادِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَبِفَتْحِهَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ نَفَعَ. [قَوْلُهُ: «وَلْيَتَوَضَّأْ» إلَخْ] لِمَا كَانَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى قَوْلِهِ: فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَتَى بِهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَقَالَ شَارِحُ الْحَدِيثِ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَلْيَتَوَضَّأْ أَيْ كَمَا يَتَوَضَّأُ إذَا قَامَ لَهَا لَا أَنَّهُ يَجِبُ الْوُضُوءُ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ كَمَا قَالَ بِهِ قَوْمٌ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفِي قَوْلِهِ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ قَطْعُ احْتِمَالِ حَمْلِ الْمُتَوَضِّئِ عَلَى الْوَضَاءَةِ الْحَاصِلَةِ بِغَسْلِ الْفَرْجِ فَإِنَّ غَسْلَ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ قَدْ يُسَمَّى وُضُوءًا أَيْ وَيَكُونُ تَأْكِيدًا لِمَا قَبْلَهُ. [قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالنَّضْحِ فِيهِ الْغَسْلُ] أَيْ لَا الرَّشُّ وَلَا الْبَلُّ فَلَا يَكْفِيَانِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْغَسْلِ الَّذِي هُوَ الْبَلُّ مَعَ الدَّلْكِ هَذَا حَقِيقَةُ الْغَسْلِ عِنْدَنَا، وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ مُسَلَّمٌ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ اللَّفْظِ فَلْيُحَرَّرْ

[قَوْلُهُ: وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ] أَيْ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّضْحِ الْغَسْلُ أَيْ لَا مَا ذُكِرَ مِنْ الْبَلِّ وَالرَّشِّ الَّذِي ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ تَفْسِيرًا لَهُ [قَوْلُهُ: وَيَتَوَضَّأُ] لَمْ يَزِدْ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ كَمَا يُعْلَمُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: أَوْ صَرِيحُهُ] أَيْ بَلْ صَرِيحُهُ فَأَوْ لِلْإِضْرَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلشَّكِّ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ الْإِجْزَاءُ بِهَا [قَوْلُهُ: مَنْ تَرَكَ غَسْلَهُ كُلَّهُ] التَّرْكُ مُتَسَلِّطٌ عَلَى الْقَيْدِ فَقَطْ أَيْ فَيَكُونُ غَسْلُ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ الْقَوْلَانِ [قَوْلُهُ: قَوْلَانِ] أَيْ بِنِيَّةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَالْقَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ كُلِّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ عج [قَوْلُهُ: الْغَسْلِ الْمَذْكُورِ] أَيْ الَّذِي هُوَ غَسْلُهُ كُلِّهِ أَيْ مَنْ يَقُولُ بِغَسْلِهِ كُلِّهِ يَخْتَلِفُ فَبَعْضٌ يَقُولُ: تَجِبُ النِّيَّةُ لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ أَيْ مِنْ حَيْثُ إيجَابُ غَسْلِهِ كُلِّهِ، وَبَعْضٌ لَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْرِيرُ تت. وَأَفَادَهُ عج أَيْضًا بِقَوْلِهِ: وَهَلْ يَفْتَقِرُ الْغَسْلُ لِنِيَّةٍ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِ خ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُمَا مُفَرَّعَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ غَسْلِهِ كُلِّهِ. [قَوْلُهُ: اسْتَظْهَرَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ إلَخْ] أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصَاحِبُهُمَا هُوَ الْعَلَّامَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>