صَحِيحِ الْمِزَاجِ (كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَفِيهِ لُغَةٌ الطَّلْحُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ حَمْلِ النَّخْلَةِ يَسْقُطُ عَنْهُ غُبَارٌ، وَتَقْيِيدُنَا بِ (رَطْبًا) احْتِرَازًا مِنْ الْيَابِسِ فَإِنَّهُ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِفُصُوصِ الْبَيْضِ، وَبِصَحِيحِ الْمِزَاجِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ مَرِيضًا فَإِنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ مَنِيُّهُ، وَتَخْتَلِفُ رَائِحَتُهُ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ لَوْ انْتَبَهَ فَوَجَدَ بَلَلًا رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ، هَذَا صِفَةُ مَنِيِّ الرَّجُلِ (وَ) أَمَّا (مَاءُ الْمَرْأَةِ) يَعْنِي مَنِيَّهَا فَصِفَتُهُ (مَاءٌ رَقِيقٌ أَصْفَرُ) وَحُكْمُهُ أَنَّهُ (يَجِبُ مِنْهُ) إذَا بَرَزَ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ وَالصِّحَّةِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمَرَضِ وَالسَّلَسِ.
(الطُّهْرُ) أَيْ الْغُسْلُ، وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ بُرُوزُهُ بَلْ يَكْفِي فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا إحْسَاسُهَا بِهِ، وَقَوْلُهُ: (فَيَجِبُ مِنْ هَذَا) أَيْ مِنْ مَاءِ الْمَرْأَةِ (طُهْرُ جَمِيعِ) ظَاهِرِ (الْجَسَدِ) تَكْرَارًا مَعَ مَا تَقَدَّمَ، وَمَعَ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: وَيَجِبُ الطُّهْرُ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ خُرُوجِ الْمَاءِ الدَّافِقِ فِي نَوْمٍ أَوْ يَقَظَةٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ خَصَّ الْحُكْمَ بِالْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ؟ قِيلَ: لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ امْرَأَةً لَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ مِنْ مَنِيِّهَا، وَأَمَّا الْغُسْلُ مِنْ مَنِيِّ الرَّجُلِ فَمَعْرُوفٌ غَيْرُ مُتَوَهَّمٍ، وَقَوْلُهُ: (كَمَا يَجِبُ) غُسْلُ جَمِيعِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ (مِنْ طُهْرِ) أَيْ انْقِطَاعِ (الْحَيْضَةِ) أَيْ الْحَيْضِ، تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ فَإِنْ قِيلَ: لَا يُقَاسُ إلَّا مَا لَيْسَ مَنْصُوصًا
ــ
[حاشية العدوي]
الْكُبْرَى قَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ جِمَاعٍ كَأَنْ يَلْمِسَ امْرَأَةً فَيُمْنِيَ، وَخِلَافُ اللَّذَّةِ الْكُبْرَى اللَّذَّةُ الصُّغْرَى وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ مَعَهَا الْمَذْيُ [قَوْلُهُ: الْمِزَاجِ] بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الطَّبِيعَةِ مِنْ مَزَجَ الشَّيْءَ بِمَعْنَى خَلَطَهُ [قَوْلُهُ: كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ] أَيْ كَرَائِحَةِ غُبَارِ الطَّلْعِ كَمَا فِي تت وَغَيْرِهِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ حَمْلِ النَّخْلَةِ] يُنَافِيهِ مَا نَقَلَ تت عَنْ التَّادَلِيِّ حَيْثُ قَالَ: أَيْ مِنْ فَحْلِ النَّخْلِ دُونَ إنَاثِهَا اهـ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا مُخَالَفَةَ بِجَعْلِ التَّاءِ فِي النَّخْلَةِ لِلْوَحْدَةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمِصْبَاحِ النَّخْلُ اسْمُ جَمْعٍ الْوَاحِدَةُ نَخْلَةٌ [قَوْلُهُ: يَسْقُطُ عَنْهُ غُبَارٌ] قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الرَّائِحَةَ الْمُرَادَةَ رَائِحَةُ ذَلِكَ الْغُبَارِ لَا رَائِحَةُ نَفْسِ الطَّلْعِ [قَوْلُهُ: أَشْبَهُ شَيْءٍ] أَيْ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِفُصُوصِ الْبَيْضِ، أَيْ أَنَّهُ اشْتَرَكَ مَعَ غَيْرِهِ فِي الْمُشَابَهَةِ بِفُصُوصِ الْبَيْضِ إلَّا أَنَّهُ أَعْظَمُهَا شَبَهًا بِهَا، وَالْمُرَادُ الْبَيْضُ الْمَشْوِيُّ كَمَا فِي خَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ، وَهُوَ جَمْعُ فَصٍّ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ بَيَاضُ الْبَيْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّهُ إذَا يَبِسَ تُشْبِهُ رَائِحَتُهُ رَائِحَةَ الْبَيْضِ عِنْدَ يُبْسِهِ اهـ.
فَإِنْ أَرَادَ بِالْيُبْسِ الشَّيْءَ اتَّفَقَ الْكَلَامَانِ. [قَوْلُهُ: وَتَخْتَلِفُ رَائِحَتُهُ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقُلْنَا ذَلِكَ لِمُنَاسَبَتِهِ لِلْمَقَامِ فَإِنَّنَا فِي شَأْنِ الرَّائِحَةِ لَا غَيْرِهَا مِنْ الْأَوْصَافِ [قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ ذَلِكَ] أَيْ تَبْيِينِ الرَّائِحَةِ [قَوْلُهُ: لَوْ انْتَبَهَ إلَخْ] جَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ أَيْ عَلِمَ أَنَّهُ مَنِيٌّ [قَوْلُهُ: يَعْنِي فِيهَا] لَمَّا كَانَ تَفْسِيرُ الْمَاءِ بِالْمَنِيِّ فِيهِ نَوْعُ خَفَاءٍ قَالَ يَعْنِي [قَوْلُهُ: فَصِفَتُهُ] عَبَّرَ بِهِ نَظَرًا لِلرِّقَّةِ وَالصُّفْرَةِ الدَّالِّ عَلَيْهِمَا رَقِيقٌ أَصْفَرُ، وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَهُوَ مَاءٌ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّ بَيَانٌ لَهُ لَا لِصِفَتِهِ، وَرَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ طَلْعِ الْأُنْثَى مِنْ النَّخْلِ وَطَعْمُهُ مَالِحٌ بِخِلَافِ مَنِيِّ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ مُرٌّ [قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ] اُحْتُرِزَ عَمَّا إذَا بَرَزَ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ [قَوْلُهُ: وَالصِّحَّةِ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ [قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ بُرُوزُهُ] ضَعِيفٌ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا خَرَجَ مَنِيُّهَا فِي الْيَقَظَةِ، وَأَمَّا فِي النَّوْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ بُرُوزِهِ بِاتِّفَاقٍ [قَوْلُهُ: جَمِيعِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ] احْتِرَازٌ مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالْعَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ بِخِلَافِ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ [قَوْلُهُ: تَكْرَارًا مَعَ مَا تَقَدَّمَ] أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ يَجِبُ مِنْهُ الطُّهْرُ هَذَا ظَاهِرٌ.
[قَوْلُهُ: وَمَعَ مَا يَأْتِي] لَيْسَ بِظَاهِرٍ إذْ التَّكْرَارُ إنَّمَا يُنْسَبُ لِلثَّانِي، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ الْآتِي هُوَ التَّكْرَارُ مَعَ هَذَا [قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ إلَخْ] هَذَا الْإِيرَادُ بِحَسَبِ حِلِّهِ وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِالتَّعْمِيمِ، فَقَالَ: أَيْ يَجِبُ مِنْ أَجْلِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ الطُّهْرُ إلَخْ. فَلَا يَرِدُ سُؤَالٌ وَعَلَى هَذَا فَالْإِشَارَةُ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ عج مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ الشَّيْءِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، أَوْ فِي الْبَعِيدِ إذْ اللَّفْظُ عَرَضٌ يَزُولُ بِانْقِضَائِهِ فَهُوَ بَعِيدٌ وَالْبَعِيدُ تَحْتَهُ صُورَتَانِ بَعِيدٌ جِدًّا وَبَعِيدٌ لَا جِدًّا اهـ.
[قَوْلُهُ: غَيْرُ مُتَوَهَّمٍ] أَيْ نَفْيُهُ أَوْ غَيْرُ مُتَوَهَّمٍ ثُبُوتُهُ بَلْ ثُبُوتُهُ مَجْزُومٌ بِهِ لَا مُتَوَهَّمٌ فَقَطْ [قَوْلُهُ: أَيْ الْحَيْضِ إلَخْ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute