وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ذَلِكَ وَاسِعٌ إذَا عَرَفْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَى الشَّيْخِ فِي قَوْلِهِ: إنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ
وَالْمُوجِبُ الرَّابِعُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ) انْقِطَاعِ دَمِ (النِّفَاسِ) بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ لُغَةً وِلَادَةُ الْمَرْأَةِ لَا نَفْسُ الدَّمِ، وَشَرْعًا الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ الْفَرْجِ لِأَجْلِ الْوِلَادَةِ عَلَى جِهَةِ الصِّحَّةِ وَالْعَادَةِ، فَاحْتُرِزَ بِالْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ عَنْ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِأَجْلِ الْوِلَادَةِ عَنْ الْخَارِجِ لِغَيْرِهَا كَدَمِ الْحَيْضِ وَالْجُرْحِ وَبِجِهَةِ الصِّحَّةِ وَالْعَادَةِ عَنْ الْخَارِجِ فِيمَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ النِّفَاسِ وَهُوَ سِتُّونَ يَوْمًا، وَدَلِيلُ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْهُ الْإِجْمَاعُ. ك: دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ أَحْمَرُ رَقِيقٌ وَدَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَسْوَدُ كَدِرٌ.
وَالْمُوجِبُ الْخَامِسُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ) وَهِيَ رَأْسُ الذَّكَرِ وَهِيَ الْكَمَرَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّيهَا الْفَيْشَةَ وَالْفَيْشَلَةَ يُرِيدُ أَنَّ تَغْيِيبَهَا كُلِّهَا أَوْ قَدْرِهَا مِنْ عَسِيبِ الْمَقْطُوعِ الْحَشَفَةُ مِنْ الْبَالِغِ بِانْتِشَارٍ أَوْ غَيْرِهِ لَفَّ
ــ
[حاشية العدوي]
ذَلِكَ وَاسِعٌ] أَيْ جَائِزٌ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ تَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ أَيْ فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَحَبًّا. [قَوْلُهُ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَى الشَّيْخِ] هَذَا آخِرُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي أَيْ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَالَ قَوْلًا مَنْقُولًا فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ يَأْتِي الِاعْتِرَاضُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ ضَعِيفًا
[قَوْلُهُ: وَالْمُوجِبُ الرَّابِعُ إلَخْ] قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا لَا غُسْلَ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلٌ وَاسْتُظْهِرَ مُقَابِلُهُ وَهُوَ وُجُوبُ الْغُسْلِ، فَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يُشِيرَ إلَيْهِ [قَوْلُهُ: دَمِ النِّفَاسِ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ قَوْلُهُ: وِلَادَةُ الْمَرْأَةِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا دَمٌ أَمْ لَا قَوْلُهُ: وَشَرْعًا الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ الْفَرْجِ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَيْهِ تَكُونُ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ، وَلَوْ عَطَفَ النِّفَاسَ عَلَى خُرُوجِ الْمَاءِ إلَخْ، وَفَسَّرُوا النِّفَاسَ بِتَنَفُّسِ الْمَرْأَةِ بِالْوَلَدِ، ثُمَّ يُفَصِّلُونَ فِي ذَلِكَ الدَّمَ عَلَى تَقْدِيرِ خُرُوجِهِ بَيْنَ أَنْ يُلَازِمَ سِتِّينَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَكَانَ مُنَاسِبًا لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَكَانَتْ الْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِمْ دَمِ النِّفَاسِ حَقِيقَةً، وَأَفَادَ الْغُسْلَ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا دَمٌ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: لِأَجْلِ الْوِلَادَةِ] بَعْدَهَا اتِّفَاقًا أَوْ مَعَهَا عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ أَوْ قَبْلَهَا لِأَجْلِهَا عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ حَيْضٌ قَالَ عج: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي كَوْنِهِ لِأَجْلِ الْوِلَادَةِ أَمْ لَا لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا رَأَتْ قَبْلَ الْوِلَادَةِ دَمًا وَتَمَادَى بِهَا حَتَّى زَادَ عَلَى الْحَدِّ الْمُعْتَادِ لَهَا، وَصَارَتْ مُسْتَحَاضَةً ثُمَّ وَلَدَتْ فَهَلْ يَكُونُ نِفَاسًا أَوْ اسْتِحَاضَةً؟ أَوْ نَقُولُ إنَّهَا إذَا رَأَتْ دَمًا قَبْلَ الْوِلَادَةِ لِأَجْلِ الْوِلَادَةِ، فَعَلَى الْمَرْجُوحِ تَحْسُبُ السِّتِّينَ مِنْ مَبْدَأِ خُرُوجِهِ وَعَلَى الرَّاجِحِ تَحْسُبُهَا مِنْ الْخُرُوجِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الدَّمُ دَمَ حَيْضٍ.
تَنْبِيهٌ:
الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ نَفْسُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَأَمَّا انْقِطَاعُهُمَا فَشَرْطُ صِحَّةٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحَيْضَ سَبَبٌ بَعِيدٌ وَالِانْقِطَاعَ سَبَبٌ قَرِيبٌ.
[قَوْلُهُ: وَالْعَادَةِ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ [قَوْلُهُ: وَدَلِيلُ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْهُ الْإِجْمَاعُ] لَمْ يَقُلْ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ لِعَدَمِ نَصٍّ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِوُجُوبِهِ [قَوْلُهُ: كَدِرٌ] أَيْ لَيْسَ لَهُ صَفَاءٌ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ، فَإِذَا كَانَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَا يَدُلُّ خُرُوجُهُ عَلَى رَاحَةِ الْبَدَنِ، وَحَيْثُ كَانَ دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَيَدُلُّ خُرُوجُهُ عَلَى رَاحَةِ الْبَدَنِ
[قَوْلُهُ: الْفَيْشَةَ] رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ مَظْنُونٍ بِهَا الصِّحَّةُ بِالضَّبْطِ بِالْقَلَمِ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَأَمَّا الْفَيْشَلَةُ فَهِيَ بِسُكُونِ الْيَاءِ كَمَا رَأَيْته بِضَبْطٍ فِي الْقَامُوسِ، وَذَكَرَ فِي كُتُبِ النَّحْوِ أَنَّ الْفَيْشَةَ الَّتِي هِيَ الْكَمَرَةُ زِيدَتْ اللَّامُ فِيهَا فَقِيلَ لَهَا الْفَيْشَلَةُ [قَوْلُهُ: يُرِيدُ أَنَّ تَغْيِيبَهَا كُلِّهَا] أَيْ فِي مَحَلِّ الِافْتِضَاضِ أَوْ فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ، فَلَوْ غَيَّبَهَا بَيْنَ الشُّفْرَيْنِ أَوْ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ لِعَدَمِ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ.
وَقَالَ: كُلُّهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَغْيِيبَ بَعْضِهَا وَلَوْ الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَغْوٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّغْيِيبُ مِنْ ذَكَرٍ مُحَقَّقٍ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِتَغْيِيبِ حَشَفَتِهِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ، وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ [قَوْلُهُ: مِنْ عَسِيبِ] الْمَقْطُوعِ الْعَسِيبُ مَا عَدَا الْحَشَفَةَ مِنْ قَصَبَةِ الذَّكَرِ وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ