تَطَهَّرَتْ) عِيَاضٌ الْقَصَّةُ بِفَتْحِ الْقَافِ مَاءٌ أَبْيَضُ يَكُونُ آخِرَ الْحَيْضِ، وَبِهِ تَسْتَبِينُ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ، وَسُمِّيَتْ قَصَّةً لِشَبَهِهَا بِالْقَصَّةِ، وَهُوَ الْجِيرُ لِبَيَاضِهَا، وَالْجُفُوفُ وَالْجَفَافُ بِفَتْحِ الْجِيمِ مَصْدَرَانِ مِنْ جَفَّ الشَّيْءُ يَجِفُّ جُفُوفًا وَجَفَافًا وَهُوَ أَنْ تُدْخِلَ الْمَرْأَةُ الْخِرْقَةَ أَوْ الْقُطْنَةَ فِي فَرْجِهَا فَتُخْرِجَهَا جَافَّةً لَا بَلَلَ عَلَيْهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَهُوَ قَوْلُ الدَّاوُدِيِّ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْقَصَّةُ أَبْلَغُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: الْجُفُوفُ أَبْلَغُ وَثَمَرَةُ هَذَا الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْمُعْتَادَةِ لِإِحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَصَّةُ أَبْلَغُ إذَا رَأَتْ مُعْتَادَةُ الْقَصَّةِ الْجُفُوفَ أَوَّلًا تَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ، وَإِذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا رَأَتْ مُعْتَادَةُ الْقَصَّةِ الْجُفُوفَ أَوَّلًا تَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ، وَإِذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ، وَعَلَى قَوْلِ الدَّاوُدِيِّ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ: إذَا رَأَتْ إحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ عَمِلْت عَلَيْهَا وَلَا تَنْتَظِرُ الْأُخْرَى، وَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُبْتَدَأَةِ فَنَقَلَ الْبَاجِيُّ عَنْهُ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ، وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ عَنْهُ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ طَهُرَتْ، وَلَمْ يَقُلْ إذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ قَلِيلًا خَلِيلٌ: وَمَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَاضِحٌ إنْ كَانَتْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا رَأَتْ الْجُفُوفَ وَلَمْ تَرَ الْقَصَّةَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ أَنَّهَا رَأَتْ الْقَصَّةَ تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ فَإِيرَادُ الْبَاجِيِّ صَحِيحٌ، وَهُوَ أَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
الْغُسْلِ بِانْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ شَرَعَ فِي بَيَانِ عَلَامَةِ انْقِطَاعِهِ، فَقَالَ إلَخْ وَيَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ عِيَاضٍ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. [قَوْلُهُ: تَسْتَبِينُ إلَخْ] أَيْ تَظْهَرُ [قَوْلُهُ: بَرَاءَةُ الرَّحِمِ] أَيْ مِنْ الْحَيْضِ [قَوْلُهُ: وَسُمِّيَتْ قَصَّةً] الْأَوْضَحُ وَسُمِّيَ أَيْ الْمَاءُ الْمَذْكُورُ قَصَّةً لِشَبَهِهِ إلَخْ [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجِيرُ] أَيْ أَنَّ الْقَصَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْجِيرِ، فَحَاصِلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ أَنَّ الْقَصَّةَ حَقِيقَةٌ فِي الْجِيرِ، وَأُطْلِقَتْ مَجَازًا عَلَى الْمَاءِ الْمَذْكُورِ، وَالْعَلَاقَةُ الْمُشَابَهَةُ هَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ، وَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ صَارَتْ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً فِي الْمَاءِ الْمَذْكُورِ. [قَوْلُهُ: مِنْ جَفَّ إلَخْ] مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَفِي لُغَةِ بَنِي أَسَدٍ مِنْ بَابِ تَعِبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.
[قَوْلُهُ: لَا بَلَلَ عَلَيْهَا] أَيْ مِنْ الدَّمِ فَخُرُوجُهَا مُبْتَلَّةً مِنْ رُطُوبَةِ الْفَرْجِ لَا يَضُرُّ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ الدَّاوُدِيِّ] هُوَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ الْأَسَدِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ بِطَرَابُلُسَ الْمَغْرِبِ تُوُفِّيَ بِتِلِمْسَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. [قَوْلُهُ: الْقَصَّةُ أَبْلَغُ] أَيْ أَقْطَعُ لِلشَّكِّ وَأَحْصَلُ لِلْيَقِينِ فِي الطُّهْرِ مِنْ الْجُفُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ بَعْدَهَا دَمٌ، وَالْجُفُوفُ قَدْ يُوجَدُ بَعْدَهُ، وَأَبْلَغِيَّةُ الْقَصَّةِ لَا تَتَقَيَّدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمُعْتَادَتِهَا فَقَطْ بَلْ هِيَ أَبْلَغُ لِمُعْتَادَتِهَا وَلِمُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ وَلِمُعْتَادَتِهِمْ امَعًا.
[قَوْلُهُ: إذَا رَأَتْ مُعْتَادَةُ الْقَصَّةِ الْجُفُوفَ] وَكَذَلِكَ مُعْتَادَتُهُمَا [قَوْلُهُ: تَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ] أَيْ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ [قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ] أَيْ الْمُخْتَارُ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَنْتَظِرُ مَا لَمْ تَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَتَتَلَخَّصُ أَنَّهَا تُوقِعُهَا فِي بَقِيَّةٍ مِنْهُ بِحَيْثُ يُطَابِقُ فَرَاغُهَا آخَرَ، وَأَمَّا مُعْتَادَةُ الْجُفُوفِ فَقَطْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا رَأَتْهُ أَوَّلًا طَهُرَتْ وَلَا تَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ، وَإِذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا لَا تَنْتَظِرُهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَإِذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا لَا تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ أَيْ مُطْلَقًا اعْتَادَتْهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا.
[قَوْلُهُ: إذَا رَأَتْ مُعْتَادَةُ الْقَصَّةِ الْجُفُوفَ أَوَّلًا. . . إلَخْ] وَأَوْلَى مُعْتَادَتُهُمَا مَعًا أَوْ مُعْتَادَةُ الْجُفُوفِ [قَوْلُهُ: وَإِذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا] وَأَوْلَى فِي الِانْتِظَارِ إذَا اعْتَادَتْهُمَا أَوْ الْجُفُوفَ فَقَطْ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
[قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ عَنْهُ إلَخْ] مُحَصَّلُ نَقْلِ الْمَازِرِيِّ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ أَوْ الْقَصَّةَ طَهُرَتْ كَمَا فِي شُرَّاحِ خَلِيلٍ [قَوْلُهُ: قَلِيلًا] الْمُرَادُ بِهِ زَمَنٌ سَابِقٌ عَلَى آخِرِ الْوَقْتِ الَّذِي تُوقِعُ الصَّلَاةَ فِيهِ. [قَوْلُهُ: وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَتْ إلَخْ] أَيْ فَإِذَا كَانَتْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ هَكَذَا فَيُفِيدُ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا لَا تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ، أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ هَكَذَا بِأَنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ، وَلَوْ رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا فَلَيْسَ بِوَاضِحٍ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي إيرَادُ الْبَاجِيِّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَلَّامَةَ خَلِيلًا لَمْ يَجْزِمْ بِمُرَادِ الْمَازِرِيِّ وَقَدْ عَلِمْت مُرَادَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ شُرَّاحِ خَلِيلٍ. [قَوْلُهُ: أَنَّهَا رَأَتْ الْجُفُوفَ وَلَمْ تَرَ الْقَصَّةَ] أَيْ فَتَطْهُرُ بِرُؤْيَتِهَا الْجُفُوفَ أَوَّلًا، فَإِنْ قُلْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute