للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّرْجَمَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُصَلِّي (أَنْ يَتَأَهَّبَ) أَيْ يَسْتَعِدَّ (لِذَلِكَ) أَيْ الصَّلَاةِ، وَمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْمُنَاجَاةِ (بِالْوُضُوءِ أَوْ بِالطُّهْرِ) أَيْ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ لِعِظَمِ شَرَفِهَا مُسْتَحِقَّةٌ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا، وَتَشْرِيفُهَا وَتَعْظِيمُهَا الْوُضُوءُ أَوْ الطُّهْرُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الطُّهْرَ بِقَوْلِهِ: (إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ) أَيْ الْغُسْلُ بِأَحَدِ مُوجِبَاتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْدَادَ بِالْغُسْلِ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا وَجَبَ، وَالِاسْتِعْدَادَ بِالْوُضُوءِ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ وُجُوبٍ إذْ يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ لِكُلِّ صَلَاةِ فَرْضٍ بَعْدَ أَنْ صَلَّى بِهِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَلْ رُبَّمَا كَانَ بِدْعَةً (وَيَكُونُ ذَلِكَ) الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ (بِمَاءٍ طَاهِرٍ غَيْرِ مَشُوبٍ) أَيْ غَيْرِ مَخْلُوطٍ (بِنَجَاسَةٍ) غَيَّرَتْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَةِ.

وَقَوْلُهُ: (وَلَا بِمَا قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ) يَعْنِي أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ (لِشَيْءٍ خَالَطَهُ مِنْ شَيْءٍ نَجِسٍ أَوْ طَاهِرٍ) تَكْرَارٌ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ وَكَرَّرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العدوي]

الرَّبِّ مُسَارَرْتُهُ أَيْ تَحَدُّثُهُ مَعَهُ أَيْ بِقَوْلِهِ إيَّاكَ نَعْبُدُ إلَخْ.

[قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ] أَيْ وُجُوبًا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، وَنَدْبًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا احْتَوَتْ أَوْ وُجُوبًا فَقَطْ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْمُوعِ، [قَوْلُهُ: أَيْ لِلصَّلَاةِ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَدْلُولَ اللَّفْظِ إنَّمَا الْمَدْلُولُ مَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْمُنَاجَاةِ؛ لِأَنَّهُ الْمَحْكُومُ بِهِ عَلَى الْمُصَلِّي فِي قَوْلِهِ وَالْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ] أَيْ الصَّلَاةَ وَمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْت الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ الْحَالَتَانِ قُلْت لَمَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ مُحْتَوِيَةً عَلَى الْمُنَاجَاةِ عُدَّتْ حَالَةً وَاحِدَةً.

[قَوْلُهُ: لِعِظَمِ شَرَفِهَا] أَمَّا الْمُنَاجَاةُ فَظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا خِدْمَةٌ لِلرَّبِّ.

[قَوْلُهُ: وَتَعْظِيمُهَا] الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَنْ عَطْفِ اللَّازِمِ عَلَى الْمَلْزُومِ.

[قَوْلُهُ: الْوُضُوءُ] أَيْ بِالْوُضُوءِ إلَخْ، فَفِي الْعِبَارَةِ مُبَالَغَةٌ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهَا جُمْلَةٌ مُعَرَّفَةُ الطَّرَفَيْنِ، فَتُفِيدُ الْحَصْرَ وَهُوَ إضَافِيٌّ، أَيْ لَا عَدَمُهُمَا فَلَا يُنَافِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ تَعْظِيمِهَا إزَالَةَ النَّجَاسَةِ عَنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ، وَمِنْ جُمْلَتِهِ أَيْضًا الطَّهَارَةُ الْبَاطِنَةُ مِنْ الْحَسَدِ وَالْكِبْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَطَهَّرَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَلَا يَكُونَ كَمَنْ بَنَى دَارًا حَسَّنَ ظَاهِرَهَا وَتَرَكَ بَاطِنَهَا مَمْلُوءًا بِالنَّجَاسَةِ، وَإِنَّمَا تَرَكَ الْبَاطِنَةَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاسْتِعْدَادَ بِالْغُسْلِ] أَيْ الَّذِي تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ فَأَرَادَ الْوُضُوءَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُصَاحِبًا لِطُهْرٍ.

[قَوْلُهُ: لِكُلِّ صَلَاةِ فَرْضٍ] لَا مَفْهُومَ لِفَرْضٍ، بَلْ وَمِثْلُهُ صَلَاةُ النَّفْلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، أَيْ لَا لِغَيْرِهَا كَمَسِّ مُصْحَفٍ وَلَوْ صَلَّى بِهِ فَرْضًا [قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ صَلَّى بِهِ] أَيْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَلَا مَفْهُومَ لَهُ، إذْ مِثْلُ الصَّلَاةِ بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ [قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ] أَيْ وَلَا يُسَنُّ [قَوْلُهُ: لِكُلِّ صَلَاةٍ] أَيْ لَا نَقُولُ بِالسُّنِّيَّةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْجُمُعَةَ يُسَنُّ الْغُسْلُ لَهَا وَلَا يَرِدُ غُسْلُ الْعِيدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لِلْيَوْمِ لَا لِلصَّلَاةِ [قَوْلُهُ: بَلْ رُبَّمَا كَانَ بِدْعَةً] رُبَّ لِلتَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ] الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لِيُوَافِقَ مَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ أَفْرَدَ اسْمَ الْإِشَارَةِ [قَوْلُهُ: بِمَاءٍ طَاهِرٍ] الْأَوْلَى طَهُورٍ [قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرِ مَخْلُوطٍ] أَيْ لِأَنَّك تَقُولُ شُبْت اللَّبَنَ بِالْمَاءِ أَشُوبُهُ، فَهُوَ مَشُوبٌ أَيْ مَخْلُوطٌ وَهُوَ تَوْضِيحٌ لِلْمَاءِ الطَّهُورِ، لَا أَنَّهُ قَيْدٌ لَهُ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْمَاءَ الطَّهُورَ قَدْ يَكُونُ مَشُوبًا بِمَا ذُكِرَ وَغَيْرَ مَشُوبٍ.

[قَوْلُهُ: غَيَّرَتْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ] أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ غَلَبَةَ ظَنٍّ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْوَ الظَّنُّ فَلَا يَضُرُّ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ أَنَّهُ يَضُرُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَنَخُصُّ هَذَا بِمَا عَدَا الْقَلِيلَ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَقَلِيلُ الْمَاءِ إلَخْ.

[قَوْلُهُ: وَلَا بِمَا إلَخْ] مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ وَالتَّقْدِيرُ فَلَا يَصِحُّ بِمَا شَابَتْهُ نَجَاسَةٌ غَيَّرَتْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَا بِمَا.

[قَوْلُهُ: يَعْنِي أَوْ طَعْمُهُ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُرِدْ قَصْرَ التَّغَيُّرِ عَلَى اللَّوْنِ وَحْدَهُ، [قَوْلُهُ: لِشَيْءٍ خَالَطَهُ] اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ لِأَجْلِ شَيْءٍ خَالَطَهُ أَيْ مَازَجَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ أَيْ مُفَارِقٌ غَالِبًا مَازَجَ الْمَاءَ وَتَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ فَإِنَّهُ يَسْلُبُ طَهُورِيَّتَهُ، وَمَفْهُومُ خَالَطَ أَمْرَانِ مُجَاوِرٌ غَيْرُ مُلَاصِقٍ وَمُجَاوِرٌ مُلَاصِقٌ فَأَمَّا الْمُجَاوِرُ الْمُلَاصِقُ فَحُكْمُهُ كَالْمُمَازِجِ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا، وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْمُصَنِّفِ لَهَا بِأَنْ يُرَادَ بِالْمُخَالِطِ الْمُلَابِسُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُلَاصِقِ فَلَا يَضُرُّ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا لَوْ فَرَضْنَا أَوْ رِيحًا فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: نَجِسٍ] كَالْبَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>