للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ: (إلَّا غَيَّرَتْ لَوْنَهُ الْأَرْضُ الَّتِي هُوَ) أَيْ الْمَاءُ (بِهَا) أَيْ بِالْأَرْضِ حَالَ اتِّصَالِهِ بِهَا وَمُلَازَمَتِهِ لَهَا (مِنْ سَبَخَةٍ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ الْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ أَرْضٌ ذَاتُ مِلْحٍ وَرَشْحٍ مُلَازِمٍ (أَوْ حَمْأَةٍ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ وَهِيَ طِينٌ أَسْوَدُ مُنْتِنٌ (وَنَحْوِهِمَا) كَالْمِلْحِ وَالْكِبْرِيتِ مِمَّا يَكُونُ قَرَارًا لَهُ فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا هُوَ قَرَارٌ لَهُ فَغَيَّرَهُ كَإِلْقَاءِ رِيحٍ لَمْ يَضُرَّ اتِّفَاقًا، وَالتُّرَابُ وَالْمِلْحُ الْمَطْرُوحُ فِيهِ قَصْدًا لَا يَضُرُّ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(وَمَاءُ السَّمَاءِ) الْمُرَادُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: أَوْ طَاهِرٍ] كَاللَّبَنِ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْقَطِرَانُ يَكُونُ دِبَاغًا لِلْقِرْبَةِ، فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دِبَاغًا فَيَضُرُّ تَغَيُّرُ الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ، لَا الرِّيحِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ مُسَافِرٍ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ الْقَطِرَانُ فِي أَسْفَلِ الْمَاءِ أَوْ أَعْلَاهُ.

[قَوْلُهُ: تَكْرَارٌ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ] ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ بِمَاءٍ طَاهِرٍ غَيْرِ مَشُوبٍ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالْمَخْلُوطِ بِالنَّجَاسَةِ الْمُغَيِّرَةِ فَهُوَ تَكْرَارٌ بِحَسَبِهِ، فَالتَّكْرَارُ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ طَرَفٍ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ أَوْ طَاهِرٍ فَلَيْسَ بِتَكْرَارٍ إذْ تَقَرَّرَ ذَلِكَ، فَقَوْلُهُ كَرَّرَهُ لِيُرَتِّبَ غَيْرَ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يُنَاسِبُ الطَّرَفَ الَّذِي لَيْسَ تَكْرَارٌ بِحَسَبِهِ الَّذِي هُوَ طَاهِرٌ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: إلَّا مَا غَيَّرَتْ إلَخْ] اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ طَاهِرًا مُنْقَطِعًا إنْ أُرِيدَ بِهِ الْمُخَالِطُ الْحَالُّ وَمُتَّصِلًا إنْ أُرِيدَ بِهِ الْمُلَابِسُ. [قَوْلُهُ: لَوْنَهُ] لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْ الْمُقَرِّ غَالِبًا.

[قَوْلُهُ: الَّتِي هُوَ بِهَا] لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ تَغَيُّرُهُ بِأَجْزَاءِ الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ بِهَا [قَوْلُهُ: حَالَ اتِّصَالِهِ] سَيَأْتِي يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى مَا تَبَيَّنَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ الَّتِي هُوَ بِهَا قَيْدٌ، وَقَوْلُهُ وَحَالَ قَيْدٌ آخَرُ [قَوْلُهُ: وَمُلَازَمَتِهِ] عَيَّنَ الَّذِي قَبْلَهُ [قَوْلُهُ: وَالْمُوَحَّدَةِ] أَيْ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ [قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمُعْجَمَةِ] أَيْ فَتْحِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ أَتَى لَفْظَ سَبَخَةٍ بِفَتْحِ الْأَحْرُفِ الثَّلَاثَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِمُخْتَصَرِ الْعَيْنِ وَكَذَا رِوَايَةُ الْفَاكِهَانِيِّ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَصَدَّرَ تت، بِأَنَّهَا بِكَسْرِ الْبَاءِ أَقُولُ: وَفِي عِبَارَتِهِ بَحْثٌ عَنْ وَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ بِثُمَّ.

الثَّانِي: أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ التَّاءِ لَا يَكُونُ إلَّا مَفْتُوحًا، وَيُجَابُ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ قَصَدَ الْإِيضَاحَ [قَوْلُهُ: وَهِيَ] أَيْ السَّبَخَةُ وَقَوْلُهُ وَرَشْحٍ أَيْ الْمِلْحِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ وَقَضِيَّةُ الْوَصْفِ بِقَوْلِهِ مُلَازِمٍ، أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ عَدَمُ لُزُومِهِ لَا يُقَالُ لَهَا سَبَخَةٌ، وَانْظُرْهُ ثُمَّ أَقُولُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُغَيِّرَ نَفْسُ الْأَرْضِ، مَعَ أَنَّ الْمُغَيِّرَ مَا حَلَّ فِيهَا مِنْ الْمِلْحِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ وَمُفَادُهُ أَنَّ ذَاتَ الْأَرْضِ لَيْسَتْ مِلْحًا بَلْ تَرْشَحُ مِلْحًا، هَذَا وَاَلَّذِي فِي الْمِصْبَاحِ أَرْضٌ سَبَخَةٌ أَيْ مَلِحَةً، وَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَالسَّبَخَةُ الْمَالِحَةُ أَيْ الَّتِي لَا تُنْبِتُ اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ كَلَامِ شَارِحِنَا، [قَوْلُهُ: مُنْتِنٌ] هَذَا النَّتْنُ ذَاتِيٌّ لَا مِنْ شَيْءٍ طَارِئٍ.

[قَوْلُهُ: كَالْمِلْحِ] لَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْمُشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ سَبَخَةٍ، وَكَذَا إذَا تَغَيَّرَ بِالْجِيرِ أَوْ الْفَخَّارِ وَجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، وَلَوْ صُنِعَتْ وَكَذَلِكَ بِالْحَدِيدِ وَصَدَئِهِ، [قَوْلُهُ: فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ] مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ حَالَ اتِّصَالِهِ بِهَا أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ حَالَ اتِّصَالِهِ بِهَا، هَذَا إذَا أُرِيدَ مِمَّا هُوَ قَرَارٌ لَهُ بِالْفِعْلِ، فَلَوْ أُرِيدَ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ قَرَارًا لَهُ كَانَ قَرَارًا لَهُ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا فَيَكُونَ مُحْتَرِزًا لِلْقَيْدَيْنِ مَعًا [قَوْلُهُ: وَالتُّرَابُ إلَخْ] تَخْصِيصُهُ ذَلِكَ بِالتُّرَابِ وَالْمِلْحِ يُوهِمُ أَنَّ غَيْرَهُمَا لَا يُشَارِكُهُمَا فِي الْخِلَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ فِي الْمَغْرَةِ وَالْكِبْرِيتِ وَنَحْوِهِمَا كَالتُّرَابِ كَمَا فِي بَهْرَامَ وَأَجَابَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ، بِأَنَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِ أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ إلَى الْمَاءِ، وَأَبْعَدِهَا وَهُوَ الْمِلْحُ لِكَوْنِهِمَا طَرَفَيْ غَايَةٍ لِيُعْلَمَ مَا بَيْنَهُمَا بِالْقِيَاسِ، فَأَلْ فِي الْمِلْحِ لِلِاسْتِغْرَاقِ، أَيْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمِلْحِ كَانَ أَصْلُهُ مَاءً وَجَمَدَ أَوْ صُنِعَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَتُرَابٍ بِنَارٍ أَوْ حِجَارَةٍ مِنْ مَعْدِنِهِ، نَعَمْ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا كَانَ مَصْنُوعًا مِنْ أَرَاكٍ فَيَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ كَمَا ذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.

[قَوْلُهُ: قَصْدًا] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التُّرَابَ أَوْ غَيْرَهُ لَوْ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ بَهْرَامُ، [قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ] أَيْ عِنْدَ التَّغَيُّرِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ لِلْمَازِرِيِّ أَنَّ الْمَطْرُوحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>